للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ كَتَعْلِيمِ خَطٍّ وَحِسَابٍ وَشِعْرٍ مُبَاحٍ وَنَحْوِهِ وَبِنَاءِ مَسْجِدٍ وَقَنَاطِرَ وَذَبْحِ هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ وَنَحْوِهِ وَتَفْرِيقِ صَدَقَةٍ فَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ وَأَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ يَقَعُ تَارَةً قُرْبَةً وَتَارَةً غَيْرَ قُرْبَةٍ أَشْبَهَ غَرْسَ الْأَشْجَارِ وَبِنَاءَ الْبُيُوتِ.

(وَ) يَحْرُمُ أَخْذُ (رِزْقٍ) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ وَقْفٍ عَلَيْهِ (عَلَى مُتَعَدٍّ نَفْعُهُ كَقَضَاءٍ) وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَنِيَابَةٍ فِي حَجٍّ وَتَحَمُّلِ شَهَادَةٍ وَأَدَائِهَا وَأَذَانٍ ; لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ فَجَرَى مَجْرَى الْوَقْفِ عَلَى مَنْ يَقُومُ بِهَا وَلَيْسَتْ بِعِوَضٍ بَلْ رِزْقٌ لِلْإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ قُرْبَةً وَلَا يَقْدَحُ فِي الْإِخْلَاصِ وَإِلَّا لِمَا اُسْتُحِقَّتْ الْغَنَائِمُ وَسَلَبُ الْقَاتِلِ.

وَ (لَا) يَجُوزُ أَخْذُ رِزْقٍ عَلَى (قَاصِرٍ) مِنْ الْقُرَبِ عَلَى فَاعِلِهِ (كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ خَلْفَهُ وَنَحْوِهِمَا) كَحِجَّةٍ عَنْ نَفْسِهِ وَاعْتِكَافِهِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَصَالِحِ إذْ لَا تَدْعُو حَاجَةُ بَعْضِ النَّاسِ إلَى بَعْضٍ مِنْ أَجْلِهِ.

(وَصَحَّ اسْتِئْجَارٌ لِحَجْمٍ كَفَصْدٍ) وَلَا يَحْرُمُ أُجْرَةٌ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَلَوْ عَلِمَهُ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي لَفْظٍ " لَوْ عَلِمَهُ خَبِيثًا لَمْ يُعْطِهِ "، وَلِأَنَّهُ نَفْعٌ مُبَاحٌ أَشْبَهَ الْبِنَاءَ وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَكُرِهَ لِحُرٍّ أَكْلُ أُجْرَتِهِ وَ) أَكْلُ (مَأْخُوذٍ بِلَا شَرْطٍ عَلَيْهِ) أَيْ: الْحَجْمِ (وَيُطْعِمُهُ) الْحَاجِمُ (رَقِيقًا وَبَهَائِمَ) لِحَدِيثِ «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ " وَقَالَ: أَطْعِمْهُ نَاضِحَكَ وَرَقِيقَكَ " فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَقَدْ سَمَّى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الثُّومَ وَالْبَصَلَ خَبِيثَيْنِ مَعَ عَدَمِ تَحْرِيمِهِمَا وَإِنَّمَا كَرِهَهُ لِلْحُرِّ تَنْزِيهًا لَهُ لِدَنَاءَةِ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ وَكَذَا أُجْرَةُ كَسْحِ كَنِيفٍ.

[فَصْلٌ وَلِمُسْتَأْجِرٍ اسْتِيفَاءُ نَفْعٍ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ]

(فَصْلٌ وَلِمُسْتَأْجِرٍ اسْتِيفَاءُ نَفْعٍ) مَعْقُودٍ عَلَيْهِ (بِمِثْلِهِ) ضَرَرًا كَبِدُونِهِ (وَلَوْ اشْتَرَطَا) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرَانِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مُسْتَأْجِرٌ النَّفْعَ (بِنَفْسِهِ) ; لِبُطْلَانِ الشَّرْطِ لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ مِلْكُ النَّفْعِ وَالتَّسْلِيطُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (فَتُعْتَبَرُ مُمَاثَلَةُ رَاكِبٍ) لِمُسْتَأْجِرٍ (فِي طُولٍ وَقِصَرٍ وَغَيْرِهِ) كَثِقَلٍ وَخِفَّةٍ فَلَا يَرْكَبُهَا أَطْوَلُ وَلَا أَثْقَلُ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِمَّا عَقَدَ عَلَيْهِ وَلَهُ اسْتِيفَاؤُهَا بِدُونِهِ ; لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءٌ لِبَعْضِ مَا يَمْلِكُهُ وَ (لَا) تُعْتَبَرُ مُمَاثَلَتُهُ أَيْ: الرَّاكِبِ (فِي مَعْرِفَةِ رُكُوبٍ) ; لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيهِ يَسِيرٌ فَعُفِيَ عَنْهُ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ فِي الْإِجَارَةِ (وَمِثْلُهُ) أَيْ: شَرْطِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ (شَرْطُ زَرْعِ بُرٍّ فَقَطْ) فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَلَهُ زَرْعُ بُرٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>