مُطَالَبَتِهِ بِهِ إذَنْ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ تَرَكَ مَا يَلْزَمُهُ قَالَ شَيْخُنَا: بِلَا عُذْرٍ فَتَلِفَ بِسَبَبِهِ ضَمِنَ.
(وَ) شُرِطَ (كَوْنُ عَمَلٍ) مَعْقُودٍ عَلَيْهِ (لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ لِكَوْنِهِ مُسْلِمًا) أَيْ: يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ (كَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ) وَإِمَامَةٍ (وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَفِقْهٍ وَحَدِيثٍ وَنِيَابَةٍ فِي حَجٍّ وَقَضَاءٍ وَلَا يَقَعُ إلَّا قُرْبَةً لِفَاعِلِهِ وَيَحْرُمُ أَخْذُ أُجْرَةٍ عَلَيْهِ) لِحَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ «إنَّ آخِرَ مَا عَهِدَ إلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا» .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: «عَلَّمْتُ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْقُرْآنَ وَالْكِتَابَةَ. فَأَهْدَى إلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْسًا قَالَ: قُلْتُ: قَوْسٌ وَلَيْسَتْ بِمَالٍ قَالَ: قُلْتُ: أَتَقَلَّدُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ قَالَ: إنْ سَرَّكَ أَنْ يُقَلِّدَكَ اللَّهُ قَوْسًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا» .
وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «أَنَّهُ عَلَّمَ رَجُلًا سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ فَأَهْدَى إلَيْهِ خَمِيصَةً أَوْ ثَوْبًا فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنَّكَ لَوْ لَبِسْتَهَا أَلْبَسَكَ اللَّهُ مَكَانَهَا ثَوْبًا مِنْ نَارٍ.» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ فِي سُنَنِهِ ; وَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ كَوْنَهَا قُرْبَةً إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَصِحَّ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا يُصَلِّي خَلْفَهُ الْجُمُعَةَ أَوْ التَّرَاوِيحَ وَ (لَا) يَحْرُمُ أَخْذُ (جَعَالَةٍ عَلَى ذَلِكَ) ; لِأَنَّهَا أَوْسَعُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَلِهَذَا جَازَتْ مَعَ جَهَالَةِ الْعَمَلِ وَالْمُدَّةِ.
(أَوْ عَلَى رُقْيَةٍ) نَصًّا لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى إذَا نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَذَا الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ بَعْضُ شَيْءٍ فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ فَهَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنِّي وَاَللَّهِ لَأَرْقِي وَلَكِنْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ فَانْطَلَقَ يَتْفُلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ {" الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "} [الفاتحة: ٢] فَكَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمْ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْتَسِمُوا فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ فَنَنْظُرَ الَّذِي يَأْمُرُنَا بِهِ فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: وَمَا يُدْرِيكُمْ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ ثُمَّ قَالَ: أَصَبْتُمْ اقْتَسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا وَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا النَّسَائِيّ.
(كَ) مَا لَا يَحْرُمُ أَخْذٌ عَلَى ذَلِكَ بِلَا شَرْطٍ وَحَدِيثُ الْقَوْسِ وَالْخَمِيصَةِ قَضِيَّتَانِ فِي عَيْنٍ وَمَا لَا يَخْتَصُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute