صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ، وَالتَّأْبِيدُ يُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ مَا يُرَادُ تَأْبِيدُهُ مِنْ وَقْفٍ وَغَيْرِهِ (وَلَا يَصِحُّ) الْوَقْفُ (بِهَا) مُجَرَّدَةً عَمَّا يَصْرِفُهَا إلَيْهِ كَكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ فِيهِ، لِأَنَّهَا لَمْ يَثْبُتْ لَهَا عُرْفٌ لُغَوِيٌّ وَلَا شَرْعِيٌّ (إلَّا بِنِيَّةِ) الْوَقْفِ فَمَنْ أَتَى بِكِنَايَةٍ وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ نَوَى بِهَا الْوَقْفَ لَزِمَهُ حُكْمًا ; لِأَنَّهَا بِالنِّيَّةِ صَارَتْ ظَاهِرَةً فِيهِ وَإِنْ قَالَ: مَا أَرَدْتُ بِهَا الْوَقْفَ قُبِلَ قَوْلِهِ ; لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا غَيْرُهُ، (أَوْ قَرَنَهَا) أَيْ: الْكِنَايَةَ فِي اللَّفْظِ (بِأَحَدِ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ) وَهِيَ: الصَّرَائِحُ الثَّلَاثُ وَالْكِنَايَتَانِ (كَ) قَوْلِهِ (تَصَدَّقْتُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً أَوْ) تَصَدَّقْتُ صَدَقَةً (مُحَبَّسَةً أَوْ) تَصَدَّقْتُ صَدَقَةً (مُسَبَّلَةً أَوْ) تَصَدَّقْتُ صَدَقَةً (مُحَرَّمَةً أَوْ) تَصَدَّقْتُ صَدَقَةً (مُؤَبَّدَةً أَوْ) قَرَنَ الْكِنَايَةَ (بِحُكْمِ الْوَقْفِ كَ) قَوْلِهِ: تَصَدَّقْتُ بِهِ صَدَقَةً (لَا تُبَاعُ أَوْ) صَدَقَةً (لَا تُوهَبُ أَوْ) صَدَقَةً (لَا تُورَثُ أَوْ) تَصَدَّقْتُ بِدَارِي (عَلَى قَبِيلَةِ) كَذَا (أَوْ) عَلَى (طَائِفَةِ كَذَا) ; لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْوَقْفِ فَانْتَفَتْ الشَّرِكَةُ. وَكَذَا تَصَدَّقْتُ بِأَرْضِي أَوْ دَارِي عَلَى زَيْدٍ وَالنَّظَرُ لِي أَيَّامَ حَيَاتِي، أَوْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو، أَوْ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا وَنَحْوِهِ (فَلَوْ قَالَ: تَصَدَّقْتُ بِدَارِي عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ الْوَقْفَ وَأَنْكَرَ زَيْدٌ) إرَادَةَ الْوَقْفِ وَأَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِي رَقَبَتِهَا بِمَا أَرَادَ قُبِلَ قَوْلُ زَيْدٍ، وَ (لَمْ تَكُنْ وَقْفًا) لِمُخَالَفَةِ قَوْلِ الْمُتَصَدِّقِ لِلظَّاهِرِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: فَيُعَايَا بِهَا.
[فَصْلٌ شُرُوطُ الْوَقْفِ]
(فَصْلٌ وَشُرُوطُهُ) أَيْ: الْوَقْفِ (أَرْبَعَةٌ) أَحَدُهَا (مُصَادَفَتُهُ عَيْنًا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَيُنْتَفَعُ بِهَا) انْتِفَاعًا (عُرْفًا كَإِجَارَةٍ) بِأَنْ يَكُونَ النَّفْعُ مُبَاحًا بِلَا ضَرُورَةٍ، مَقْصُودًا مُتَقَوِّمًا يُسْتَوْفَى (مَعَ بَقَائِهَا) أَيْ: الْعَيْنِ ; لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ لِيَكُونَ صَدَقَةً جَارِيَةً. وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِيمَا لَا تَبْقَى عَيْنُهُ (أَوْ) مُصَادَفَةُ الْوَقْفِ (جُزْءًا مُشَاعًا مِنْهَا) أَيْ: الْعَيْنِ الْمُتَّصِفَةِ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ. لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ عُمَرَ قَالَ: الْمِائَةُ سَهْمِ الَّتِي بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَعْجَبَ إلَيَّ مِنْهَا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْبِسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى بَعْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute