[فَصْلٌ وَلِوَلِيٍّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَيْ لِمُوَلِّيهِ أَوْ قِنِّهِ الْمُمَيِّزِ أَنْ يَتَّجِرَ]
(فَصْلٌ: وَلِوَلِيٍّ) حُرٍّ (مُمَيِّزٍ وَسَيِّدِهِ) أَيْ الْقِنِّ الْمُمَيِّزِ (أَنْ يَأْذَنَ لَهُ) أَيْ لِمُوَلِّيهِ أَوْ قِنِّهِ الْمُمَيِّزِ (أَنْ يَتَّجِرَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: ٦] وَلِأَنَّهُ عَاقِلٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَصَحَّ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَسَيِّدِهِ كَالْعَبْدِ الْكَبِيرِ وَالسَّفِيهِ.
(وَكَذَا) يَصِحُّ أَنْ يَأْذَنَ الْوَلِيُّ وَالسَّيِّدُ لِلْمُمَيِّزِ (أَنْ يَدَّعِيَ) عَلَى خَصْمِهِ أَوْ خَصْمِ وَلِيُّهُ أَوْ سَيِّدِهِ (وَ) يَأْذَنَ لَهُ أَنْ (يُقِيمَ بَيِّنَةً) عَلَى الْخَصْمِ (وَ) أَنْ (يُحَلِّفَ) الْخَصْمَ إذَا أَنْكَرَ (وَنَحْوَهُ) كَمُخَالَعَةٍ وَمُقَاسَمَةٍ ; لِأَنَّهَا تَصَرُّفَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَالِ أَشْبَهَتْ التِّجَارَةَ (وَيَتَقَيَّدُ فَكُّ) حَجْرٍ عَنْ مَأْذُونٍ لَهُ مِنْ حُرٍّ وَقِنٍّ وَمُمَيِّزٍ (بِقَدْرٍ وَنَوْعٍ عُيِّنَا) بِأَنْ.
قَالَ لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ سَيِّدُهُ: اتَّجِرْ فِي مِائَةِ دِينَارٍ فَمَا دُونَ فَلَا يَتَجَاوَزُهَا أَوْ قَالَ لَهُ: اتَّجِرْ فِي الْبُرِّ فَقَطْ فَلَا يَتَعَدَّاهُ ; لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِالْإِذْنِ مِنْ جِهَةِ آدَمِيٍّ فَوَجَبَ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِمَا أُذِنَ فِيهِ (كَوَكِيلٍ وَوَصِيٍّ فِي نَوْعٍ) مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فَلَيْسَ لَهُ مُجَاوَزَتُهُ.
(وَ) كَمَنْ وُكِّلَ أَوْ وُصِّيَ إلَيْهِ فِي (تَزْوِيجٍ) بِشَخْصٍ (مُعَيَّنٍ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ مِنْ غَيْرِهِ.
(وَ) كَمَنْ وَكَّلَهُ رَشِيدٌ فِي (بَيْعِ عَيْنِ مَالِهِ) فَلَيْسَ لِوَكِيلٍ بَيْعُ غَيْرِهَا مِنْ مِلْكِهِ (وَ) كَ (الْعَقْدِ الْأَوَّلِ) أَيْ أَنْ مَنْ أُذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ عَيْنٍ أَوْ إجَارَتِهَا وَنَحْوِهِ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا الْعَقْدَ الْأَوَّلَ فَإِذَا عَادَتْ الْعَيْنُ لِمِلْكِ الْمُوَكِّلِ ثَانِيًا لَمْ يَمْلِكْ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ عَلَيْهَا ثَانِيًا بِلَا إذْنٍ مُتَجَدِّدٍ ; لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَتَنَاوَلْ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَادَتْ بِفَسْخٍ وَضَعَّفَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَصَوَّبَ أَنَّ لَهُ الْعَقْدَ ثَانِيًا، إنْ عَادَتْ بِفَسْخٍ (وَهُوَ) أَيْ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مِنْ حُرٍّ وَقِنٍّ مُمَيِّزٍ (فِي بَيْعِ نَسِيئَةٍ وَغَيْرِهِ) كَبِعَرَضٍ (كَمُضَارِبٍ) فَيَصِحُّ لَا كَوَكِيلٍ ; لِأَنَّ الْقَصْدَ النَّمَاءُ، وَالْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْكُلِّ ; لِأَنَّ التَّصَرُّفَ يَقَعُ بِمَجْمُوعِ بَدَنِهِ، وَقِيَاسُهُ: حُرٌّ عَلَيْهِ وَصِيَّانِ
(وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَجِّرَ) مُمَيِّزٌ أُذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ حُرٌّ أَوْ قِنٌّ (نَفْسَهُ وَلَا) أَنْ (يَتَوَكَّلَ) لِغَيْرِهِ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَمْلِكُ إلَّا بِإِذْنٍ فِيهِ كَتَزْوِيجِهِ وَبَيْعِ نَفْسِهِ وَلِأَنَّهُ يُقْعِدُهُ عَنْ مَقْصُودِ التِّجَارَةِ (وَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْ) وَلِيُّهُ أَوْ سَيِّدُهُ (عَلَيْهِ) بِلَا إذْنٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مُطْلَقًا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا وَفِي إيجَارِ عَبِيدِهِ وَبَهَائِمِهِ خِلَافٌ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: الصَّوَابُ: الْجَوَازُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً (وَإِنْ وَكَّلَ) مَأْذُونٌ لَهُ مِنْ حُرٍّ وَعَبْدٍ مُمَيِّزٍ (فَكَوَكِيلٍ) فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا يُعْجِزُهُ أَوْ لَا يَتَوَلَّاهُ مِثْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute