للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَمْلِكُ مَا جَعَلَهُ لَهَا ; لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ. وَإِنْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَقَعَتْ ; لِأَنَّهَا مَأْذُونَةٌ فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ فَوَقَعَ الْمَأْذُونُ فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَكِ، وَضَرَّاتِكِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَقَطْ، وَإِنْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَكِ فَقَالَتْ: أَنَا طَالِقٌ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ لَمْ تَطْلُقْ بِقُدُومِهِ ; لِأَنَّ إذْنَهُ انْصَرَفَ إلَى الْمُنَجَّزِ فَلَمْ يَتَنَاوَلْ الْمُعَلَّقَ.

(وَتَمْلِكُ) زَوْجَةٌ (الثَّلَاثَ) أَيْ: أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا (فِي) مَا إذَا قَالَ لَهَا زَوْجُهَا (طَلَاقُكِ بِيَدِكِ) ; لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ (وَ) تَمْلِكُ أَيْضًا الثَّلَاثَ (فِي وَكَّلْتُكِ فِيهِ) أَيْ: فِي طَلَاقِكِ أَوْ فِي الطَّلَاقِ لِمَا سَبَقَ فِي الْأُولَى وَلِاقْتِرَانِهِ بِأَلْ الِاسْتِغْرَاقِيَّة فِي الثَّانِيَةِ.

(وَإِنْ خَيَّرَ وَكِيلَهُ) مِنْ ثَلَاثٍ بِأَنْ قَالَ لِوَكِيلِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ: اخْتَرْ أَوْ اخْتَارِي مِنْ ثَلَاثٍ (أَوْ) خَيَّرَ (زَوْجَتَهُ مِنْ ثَلَاثٍ) مَا شِئْت أَوْ شِئْت (مَلَكَا) أَيْ: أَنْ يُطَلِّقَا (اثْنَتَيْنِ فَأَقَلَّ) ; لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ فَلَا يَسْتَوْعِبُ أَحَدُهُمَا الثَّلَاثَ (، وَوَجَبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْيِيرُ نِسَائِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيِّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [الأحزاب: ٢٨] فَخَيَّرَهُنَّ وَبَدَأَ بِعَائِشَةَ. فَقَالَتْ: إنِّي أُرِيدُ اللَّهَ، وَرَسُولَهُ، وَالدَّارَ الْآخِرَةَ. قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مُخْتَصَرًا.

[بَابُ سُنَّةِ الطَّلَاقِ وَبِدْعَتِهِ]

أَيْ: إيقَاعُ الطَّلَاقِ عَلَى وَجْهٍ مَشْرُوعٍ وَإِيقَاعُهُ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ (السُّنَّةُ الْمُرِيدَةُ) أَيْ: الطَّلَاقَ (إيقَاعَ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيٍّ (فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ) أَيْ: الطُّهْرِ (ثُمَّ يَدَعْهَا) بِأَنْ لَا يُطَلِّقَهَا ثَانِيَةً (حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) مِنْ الْأُولَى إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الطَّلَاقِ فِرَاقُهَا وَقَدْ حَصَلَ بِالْأُولَى قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ طَاهِرَاتٍ مِنْ غَيْر جِمَاعٍ (إلَّا) طَلَاق (فِي طُهْرٍ مُتَعَقِّبٍ لِرَجْعَةٍ مِنْ طَلَاقٍ فِي حَيْضٍ فَ) هُوَ طَلَاقُ (بِدْعَةٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَغَيَّظَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لِيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ فَإِذَا بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ» "

<<  <  ج: ص:  >  >>