حَتَّى يَبْرَأَ مَا قَبْلَهُ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ تَوَالِي الْحُدُودِ عَلَيْهِ إلَى تَلَفِهِ.
[فَصْلٌ أَتَى حَدًّا خَارِجَ حَرَمِ مَكَّةَ ثُمَّ لَجَأَ إلَيْهِ]
وَمَنْ قَتَلَ أَوْ أَتَى حَدًّا خَارِجَ حَرَمِ مَكَّةَ لَا الْمَدِينَةِ (ثُمَّ لَجَأَ) إلَيْهِ (أَوْ) لَجَأَ (حَرْبِيٌّ أَوْ) لَجَأَ (مُرْتَدٌّ إلَيْهِ حَرُمَ أَنْ يُؤْخَذَ حَتَّى بِدُونِ قَتْلٍ فِيهِ) أَيْ: الْحَرَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: ٩٧] وَهُوَ خَبَرٌ أُرِيدَ بِهِ الْأَمْرُ أَيْ: أَمِّنُوهُ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرُمَ سَفْكُ الدَّمِ بِمَكَّةَ. وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَقُولُوا إنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ» وَقَوْلِهِ «إنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ " لَوْ وَجَدْت قَاتِلَ عُمَرَ فِي الْحَرَمِ مَا هَجَمْته " رَوَاهُ أَحْمَدُ (لَكِنْ لَا يُبَايَعُ وَلَا يُشَارَى وَلَا يُكَلَّمُ) زَادَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا يُؤَاكَلُ وَلَا يُشَارَبُ (حَتَّى يَخْرُجَ) مِنْهُ (فَيُقَامَ عَلَيْهِ) لِئَلَّا يَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِقَامَةِ دَائِمًا فَيَضِيعَ الْحَقُّ عَلَيْهِ (وَمَنْ فَعَلَهُ) أَيْ قَتَلَ أَوْ أَتَى حَدًّا (فِيهِ) أَيْ الْحَرَمِ (أُخِذَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بِهِ) أَيْ: بِمَا فَعَلَهُ (فِيهِ) أَيْ: الْحَرَمِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فِي الْحَرَمِ أُقِيمَ عَلَيْهِ مَا أَحْدَثَ مِنْ شَيْءٍ " رَوَاهُ الْأَثْرَمُ
(وَمَنْ قُوتِلَ فِيهِ) أَيْ الْحَرَمِ (دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فَقَطْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ، فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} [البقرة: ١٩١] وَلِأَنَّ أَهْلَ الْحَرَمِ مُحْتَاجُونَ إلَى الزَّجْرِ عَنْ ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي كَغَيْرِهِمْ حِفْظًا لِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ، وَلِهَتْكِ الْجَانِي وَنَحْوِهِ فِي الْحَرَمِ حُرْمَتَهُ فَلَا يَنْتَهِرُ لِتَحْرِيمِ دَمِهِ وَصِيَانَتِهِ، كَالْجَانِي فِي دَارِ الْمُلْكِ لَا يُعْصَمُ لِحُرْمَةِ الْمُلْكِ وَنُسِخَ تَحْرِيمُ الْقِتَالِ فِي أَشْهُرِ الْحُرُمِ
(وَلَا تَعْصِمُ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ شَيْئًا مِنْ الْحُدُودِ وَالْجِنَايَاتِ) فَلَوْ أَتَى بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ دَخَلَ شَهْرٌ حَرَامٌ أُقِيمَ عَلَيْهِ مَا وَجَبَ قَبْلَهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ
(وَإِذَا أَتَى غَازٍ حَدًّا أَوْ) أَتَى (قَوَدًا) وَهُوَ (بِأَرْضِ الْعَدُوِّ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ) أَيْ: الْحَدِّ وَالْقَوَدِ (حَتَّى يَرْجِعَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ) لِحَدِيثِ «بُسْرِ بْنِ أَرْطَاةَ أَنَّهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ فِي الْغَزَاةِ قَدْ سَرَقَ بُخْتِيَّةً فَقَالَ لَوْلَا أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي الْغَزَاةِ لَقَطَعْتُك» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَرَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَى النَّاسِ: أَنْ لَا يَجْلِدَنَّ أَمِيرُ الْجَيْشِ وَلَا سَرِيَّةٍ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَدًّا وَهُوَ غَازٍ حَتَّى يَقْطَعَ الدَّرْبَ قَافِلًا، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا تَلْحَقُهُ حَمِيَّةُ الشَّيْطَانِ فَيَلْحَقُ بِالْكُفَّارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute