فَتَدْخُلُ فِي مِلْكِ الثَّانِي حُكْمًا بِانْقِضَاءِ الْحَوْلِ الَّذِي عَرَّفَهَا فِيهِ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ الْأَوَّلُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا لِنَفْسِهِ. وَفِي شَرْحِهِ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِسِيَاقِ الْمَتْنِ ; لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ عَرَّفَهَا، وَالْأَصْحَابُ حَكَوْا وَجْهَيْنِ. هَلْ يَمْلِكُهَا الثَّانِي أَوْ لَا؟ وَلَمْ يَذْكُرُوا مِلْكَ الْأَوَّلِ لَهَا. (تَتِمَّةٌ) يَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ الثَّانِي إذَا عَلِمَ بِالْحَالِ رَدُّهَا لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ التَّمَوُّلِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي حَتَّى عَرَّفَهَا حَوْلًا مَلَكَهَا، وَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ انْتِزَاعُهَا مِنْهُ ; لِأَنَّ الْمِلْكَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ التَّمَلُّكِ. وَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا مِنْ الثَّانِي، وَلَا طَلَبَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ، وَإِنْ عَلِمَ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ، وَقَالَ لَهُ الْأَوَّلُ عَرِّفْهَا وَيَكُونُ مِلْكُهَا لِي فَقَدْ اسْتَنَابَهُ فِي التَّعْرِيفِ وَيَمْلِكُهَا الْأَوَّلُ بِهِ، وَإِنْ قَالَ: عَرِّفْهَا وَتَكُونُ بَيْنَنَا. فَفَعَلَ صَحَّ أَيْضًا. وَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ غَصَبَهَا مِنْ الْمُلْتَقِطِ وَعَرَّفَهَا لَمْ يَمْلِكْهَا الْغَاصِبُ.
[فَصْلٌ تَصَرُّفُ الْمُلْتَقِطِ فِي اللُّقَطَةِ]
(فَصْلٌ وَيَحْرُمُ تَصَرُّفُهُ) أَيْ: الْمُلْتَقِطِ (فِيهَا) أَيْ: اللُّقَطَةِ (حَتَّى يُعَرِّفَ وِعَاءَهَا وَهُوَ كِيسُهَا وَنَحْوُهُ) كَخِرْقَةٍ شُدَّتْ فِيهَا أَوْ قِدْرٍ أَوْ زِقٍّ فِيهِ مَائِعٌ وَلِفَافَةٍ عَلَى ثَوْبٍ (وَ) حَتَّى يُعَرِّفَ (وِكَاءَهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ (وَهُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ) الْكِيسُ أَوْ الزِّقُّ، هَلْ هُوَ سَيْرٌ أَوْ خَيْطٌ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَ) حَتَّى يُعَرِّفَ (عِفَاصَهَا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ (وَهُوَ صِفَةُ الشَّدِّ) فَيُتَعَرَّفُ الرَّبْطُ هَلْ هُوَ عُقْدَةٌ أَوْ عُقْدَتَانِ، وَأُنْشُوطَةٌ أَوْ غَيْرُهَا؟ وَيُطْلَقُ عَلَى وِعَاءِ النَّفَقَةِ جِلْدًا أَوْ خِرْقَةً وَغُلَافِ الْقَارُورَةِ الْجِلْدُ يُغَطَّى بِهِ رَأْسُهَا (وَ) حَتَّى يَعْرِفَ (قَدْرَهَا) بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ (وَجِنْسَهَا وَصِفَتَهَا) أَيْ: نَوْعَهَا وَلَوْنَهَا. لِحَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ «وَجَدْتُ مِائَةَ دِينَارٍ فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا فَلَمْ تُعْرَفْ، فَرَجَعْتُ إلَيْهِ، فَقَالَ اعْرِفْ عِدَّتَهَا وَوِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا وَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إلَيْهِ» وَلِأَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَ دَفْعُهَا إلَى رَبِّهَا بِوَصْفِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ ; لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. (وَسُنَّ ذَلِكَ) أَيْ: مَعْرِفَةُ مَا ذَكَرَ (عِنْدَ وُجْدَانِهَا) ; لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَدَدَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً»
(وَ) سُنَّ عِنْدَ وُجْدَانِهَا (إشْهَادُ عَدْلَيْنِ عَلَيْهَا) لِحَدِيثِ «مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوَيْ عَدْلٍ» وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ فِي خَبَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute