للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِلَا تَعْرِيفٍ (وَلَمْ يُرِدْ) بِهِ (تَعْرِيفًا) وَلَا تَمَلُّكًا لِلُقَطَةٍ فَلَا يَمْلِكُهَا وَلَوْ عَرَّفَهَا. لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ. أَشْبَهَ الْغَاصِبَ (وَلَيْسَ خَوْفُهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ (بِأَنْ يَأْخُذَهَا) أَيْ: اللُّقَطَةَ (سُلْطَانٌ جَائِرٌ أَوْ) خَوْفُ مُلْتَقِطٍ أَنْ (يُطَالِبَهُ) سُلْطَانٌ جَائِرٌ (بِأَكْثَرَ) مِمَّا وَجَدَ (عُذْرًا) لَهُ (فِي تَرْكِ تَعْرِيفِهَا حَتَّى يَمْلِكَهَا) أَيْ: اللُّقَطَةَ (بِدُونِهِ) أَيْ: بِلَا تَعْرِيفٍ. هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ: وَلِهَذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا بِتَعْرِيفِهِ بَعْدُ. وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ خَوْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْوَاجِبِ. وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: تَبْقَى بِيَدِهِ. فَإِذَا وَجَدَ أَمْنًا عَرَّفَهَا حَوْلًا انْتَهَى. قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا مَا يُرَجِّحُ أَنَّ تَأْخِيرَ التَّعْرِيفِ لِلْعُذْرِ لَا يُؤَثِّرُ (وَمَنْ عَرَّفَهَا) أَيْ: اللُّقَطَةَ حَوْلًا (فَلَمْ تُعَرَّفْ) فِيهِ وَهِيَ مَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ (دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ «فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِقْهَا» وَفِي لَفْظٍ " وَإِلَّا فَهِيَ كَسَبِيلِ مَالِكٍ " وَفِي لَفْظٍ " ثُمَّ كُلْهَا ".

وَفِي لَفْظٍ " فَانْتَفِعْ بِهَا " وَفِي لَفْظٍ " " فَشَأْنُكَ بِهَا " وَفِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ " فَاسْتَنْفِقْهَا " وَفِي لَفْظٍ " فَاسْتَمْتِعْ بِهَا " هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ (حُكْمًا) كَالْمِيرَاثِ نَصًّا. فَلَا يَقِفُ عَلَى اخْتِيَارِهِ لِحَدِيثِ «وَإِلَّا فَهِيَ كَسَبِيلِ مَالِكَ» وَقَوْلُهُ " فَاسْتَنْفِقْهَا " وَلَوْ وَقَفَ مِلْكُهَا عَلَى تَمَلُّكِهَا لِبَيِّنَةٍ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ قَبْلَهُ وَلِأَنَّ الِالْتِقَاطَ وَالتَّعْرِيفَ سَبَبٌ لِلْمِلْكِ. فَإِذَا تَمَّا وَجَبَ بِثُبُوتِهِ حُكْمًا كَالْإِحْيَاءِ وَالِاصْطِيَادِ (وَلَوْ) كَانَتْ اللُّقَطَةُ (عَرْضًا) فَتُمْلَكُ بِالتَّعْرِيفِ قَهْرًا كَالْأَثْمَانِ، لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ. وَإِنْ رُوِيَ فِي الْأَثْمَانِ نَصٌّ خَاصٌّ فَقَدْ رُوِيَ خَبَرٌ عَامٌّ فَيُعْمَلُ بِهِمَا، بَلْ فِي الْعُرُوضِ نَصٌّ خَاصٌّ أَيْضًا، ثُمَّ لَا مَانِعَ مِنْ قِيَاسِ الْعُرُوضِ عَلَى الْأَثْمَانِ (أَوْ) كَانَتْ اللُّقَطَةُ (لُقَطَةَ الْحَرَمِ) فَتُمْلَكُ بِالتَّعْرِيفِ كَلُقَطَةِ الْحِلِّ.

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ وَكَحَرَمِ الْمَدِينَةِ وَلِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فَلَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُهَا بِالْحِلِّ وَالْحَرَمِ كَالْوَدِيعَةِ، وَحَدِيثِ «لَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ» يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ إلَّا لِمَنْ عَرَّفَهَا عَامًا وَتَخْصِيصُهَا بِذَلِكَ لِتَأَكُّدِهَا كَحَدِيثِ «ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرْقُ النَّارِ» (أَوْ لَمْ يَخْتَرْ) الْمُلْتَقِطُ تَمَلُّكَهَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ حُكْمًا وَتَقَدَّمَ (أَوْ أَخَّرَهُ) أَيْ التَّعْرِيفَ (لِعُذْرٍ) ثُمَّ عَرَّفَهَا فَيَمْلِكُهَا وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ

(أَوْ ضَاعَتْ) اللُّقَطَةُ مِنْ وَاجِدِهَا بِلَا تَفْرِيطٍ فَالْتَقَطَهَا آخَرُ (فَعَرَّفَهَا الثَّانِي مَعَ عِلْمِهِ بِالْأَوَّلِ) أَيْ: بِأَنَّهَا ضَاعَتْ مِنْ الْمُلْتَقِطِ الْأَوَّلِ (أَوْ لَمْ يُعْلِمْهُ) أَيْ يُعْلِمْ الثَّانِي الْأَوَّلَ بِاللُّقَطَةِ (أَوْ أَعْلَمَهُ) وَعَرَّفَهَا الثَّانِي (وَقَصَدَ بِتَعْرِيفِهَا) تَمَلُّكَهَا (لِنَفْسِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>