(أَوَّلَ كُلِّ يَوْمٍ) قَبْلَ اشْتِغَالِ النَّاسِ بِمَعَاشِهِمْ (أُسْبُوعًا) أَيْ: سَبْعَةَ أَيَّامٍ. لِأَنَّ الطَّلَبَ فِيهَا أَكْثَرُ (ثُمَّ) يُعَرِّفُهَا (عَادَةً) أَيْ: كَعَادَةِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ. وَقِيلَ يُعَرِّفُهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ أُسْبُوعًا فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً شَهْرًا ثُمَّ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ (حَوْلًا مِنْ الْتِقَاطِهِ) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ. لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ. فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِعَامٍ وَاحِدٍ وَلِأَنَّ السَّنَةَ لَا تَتَأَخَّرُ عَنْهَا الْقَوَافِلُ وَيَمْضِي فِيهَا الزَّمَانُ الَّذِي تُقْصَدُ فِيهِ الْبِلَادُ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالِاعْتِدَالِ كَمُدَّةِ الْعِنِّينِ (بِأَنْ يُنَادِي: مَنْ ضَاعَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ نَفَقَةٌ) وَلَا يَصِفُهَا لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدَّعِيَهَا بَعْضُ مَنْ سَمِعَ صِفَاتِهَا فَتَضِيعُ عَلَى مَالِكِهَا فَإِنْ وَصَفَهَا فَأَخَذَهَا غَيْرُ رَبِّهَا ضَمِنِهَا مُلْتَقِطٌ كَوَدِيعٍ دَلَّ لِصًّا عَلَى وَدِيعَةٍ (فِي الْأَسْوَاقِ) عِنْدَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ، (وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ) أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ. ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إشَاعَةُ ذِكْرِهَا، وَيُكْثِرُ مِنْهُ فِي مَوْضِعِ وِجْدَانِهَا، وَالْوَقْتِ الَّذِي يَلِي الْتِقَاطَهَا. وَإِنْ كَانَ فِي صَحْرَاءَ عَرَّفَهَا فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهَا (وَكُرِهَ) تَعْرِيفُهَا (دَاخِلَهَا) أَيْ الْمَسَاجِدِ. لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لَا رَدَّهَا اللَّهُ إلَيْكَ، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا» وَلِمُلْتَقِطٍ تَعْرِيفُهَا بِنَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ مُتَبَرِّعًا أَوْ بِأُجْرَةٍ (، وَأُجْرَةُ مُنَادٍ عَلَى مُلْتَقَطٍ) نَصًّا. لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي الْعَمَلِ، وَالتَّعْرِيفُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُلْتَقِطِ فَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ (وَيُنْتَفَعُ بِمُبَاحٍ مِنْ كِلَابٍ وَلَا تُعَرَّفُ) وَظَاهِرُهُ: جَوَازُ الْتِقَاطِهَا. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ أَصَحُّ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي الْمَنْعِ. وَلَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَمْنُوعِ، وَفِي أَخْذِهِ حِفْظٌ عَلَى مُسْتَحَقِّهِ. أَشْبَهَ الْأَثْمَانَ وَأَوْلَى مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَيْسَ مَالًا فَهُوَ أَخَفُّ. وَأَدْخَلَهُ الْمُوَفَّقُ فِيمَا يُمْتَنَعُ الْتِقَاطُهُ اعْتِبَارًا بِمَنَعَتِهِ بِنَابِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ (وَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ: التَّعْرِيفَ فِيهِ (الْحَوْلَ) كُلَّهُ (أَوْ) أَخَّرَهُ (بَعْضَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَثِمَ) لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ (وَلَمْ يَمْلِكْهَا) أَيْ: اللُّقَطَةَ (بِهِ) أَيْ: التَّعْرِيفِ (بَعْدَ) الْحَوْلِ ; لِأَنَّ شَرْطَ الْمِلْكِ التَّعْرِيفُ فِيهِ وَلَمْ يُوجَدْ وَرَبُّهَا بَعْدَهُ يَسْلُوهَا وَيَتْرُكُ طَلَبَهَا فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ غَالِبًا. وَلِذَلِكَ يَسْقُطُ التَّعْرِيفُ فِيهِ لِتَأْخِيرِهِ عَنْ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ نَصًّا، وَإِنْ تَرَكَهُ بَعْضَ الْحَوْلِ عَرَّفَ فِي بَقِيَّتِهِ فَقَطْ. فَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَحَبْسٍ مَلَكَهَا بِتَعْرِيفِهَا حَوْلًا بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ. هَذَا مَفْهُومُ كَلَامِهِ تَبَعًا لِلتَّنْقِيحِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ. وَالثَّانِي لَا يَمْلِكُهَا لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ وَهُوَ التَّعْرِيفُ فِي الْحَوْلِ سَوَاءٌ أَهْمَلَهُ لِعُذْرِهِ أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ (كَالْتِقَاطِهِ بِنِيَّةِ تَمَلُّكٍ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute