لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ جَدَّتِهِ وَالْأُمُّ تَحْجُبُ الْجَدَّةَ.
[فَصْلٌ وَلِجَدَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ مَعَ تَحَاذٍ أَيْ: تَسَاوٍ فِي الْقُرْبِ أَوْ الْبُعْدِ مِنْ مَيِّتٍ سُدُسٌ]
لِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَضَى لِلْجَدَّتَيْنِ مِنْ الْمِيرَاثِ بِالسُّدُسِ بَيْنَهُمَا» رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الْمُسْنَدِ (وَتَحْجُبُ الْقُرْبَى) مِنْ الْجَدَّاتِ (الْبُعْدَى) مِنْهُنَّ (مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتَا مِنْ جِهَةٍ أَوْ جِهَتَيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَالْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ إجْمَاعًا أَوْ بِالْعَكْسِ ; لِأَنَّهَا جَدَّةٌ قُرْبَى فَتَحْجُبُ الْبُعْدَى كَالَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَلِأَنَّ الْجَدَّاتِ أُمَّهَاتٌ يَرِثْنَ مِيرَاثًا وَاحِدًا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا اجْتَمَعْنَ فَالْمِيرَاثُ لِأَقْرَبِهِنَّ كَالْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالْإِخْوَةِ. وَ (لَا) يَحْجُبُ (أَبٌ أُمَّهُ أَوْ أُمَّ أَبِيهِ) كَالْعَمِّ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ. لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَوَّلُ جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّدُسَ أُمُّ أَبٍ مَعَ ابْنِهَا، وَابْنُهَا حَيٌّ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَرَوَاهُ أَيْضًا سَعِيدٌ بِلَفْظِ «أَوَّلُ جَدَّةٍ أُطْعِمَتْ السُّدُسَ أُمُّ أَبٍ مَعَ ابْنِهَا» وَلِأَنَّ الْجَدَّاتِ أُمَّهَاتٌ يَرِثْنَ مِيرَاثَ الْأُمِّ لَا مِيرَاثَ الْأَبِ فَلَا يُحْجَبْنَ بِهِ كَأُمَّهَاتِ الْأُمِّ، وَكَذَا الْجَدُّ لَا يَحْجُبُ أُمَّ نَفْسِهِ (وَلَا يَرِثُ) مِنْ الْجَدَّاتِ (أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ أُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ الْأَب وَأُمِّ أَبِي الْأَب وَإِنْ عَلَوْنَ أُمُومَةً) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ.
وَلِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ «إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَّثَ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ، ثِنْتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَوَاحِدَةً مِنْ قِبَلٍ الْأُمِّ» وَأَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَرَوَى أَيْضًا سَعِيدٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ " أَنَّهُمْ كَانُوا يُوَرِّثُونَ مِنْ الْجَدَّاتِ ثَلَاثًا، ثِنْتَيْنِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَوَاحِدَةٍ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ)) وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى التَّحْدِيدِ بِثَلَاثٍ (فَلَا مِيرَاثَ لِأُمِّ أَبِي أُمٍّ) وَلَا لِكُلِّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِأَبٍ بَيْن أُمَّيْنِ (وَلَا لِأُمِّ أَبِي جَدٍّ) ; لِأَنَّ الْقَرَابَةَ كُلَّمَا بَعُدَتْ ضَعُفَتْ وَالْجُدُودَةُ جِهَةٌ ضَعِيفَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهَا مِنْ الْقَرَابَاتِ. وَلِذَلِكَ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى فُرُوضَ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَدَّاتِ. فَإِذَا بَعُدْنَ زِدْنَ ضَعْفًا فَيَكُونُ مَنْ عَلَاهُنَّ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَلِذَلِكَ قَالَ الْأَصْحَابُ (بِأَنْفُسِهِمَا) لِأَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَرِثُونَ بِالتَّنْزِيلِ كَمَا يَأْتِي.
(وَ) الْجَدَّاتُ (الْمُتَحَاذِيَاتُ) أَيْ: الْمُتَسَاوِيَاتُ فِي الدَّرَجَةِ (أُمُّ أُمِّ أُمٍّ وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ وَأُمُّ أَبِي أَبٍ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute