للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ وَسَهْلًا حَضَرُوهُ مَعَ حَدَاثَةِ سِنِّهِمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ حَضَرَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ لِأَنَّ الصِّبْيَانَ إنَّمَا يَحْضُرُونَ الْمَجَالِسَ تَبَعًا لِلرِّجَالِ وَلِذَلِكَ.

قَالَ سَهْلٌ: فَتَلَاعَنَّا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(وَ) سُنَّ (أَنْ لَا يَنْقُصُوا) أَيْ الْحَاضِرُونَ (عَنْ أَرْبَعَةِ) رِجَالٍ ; لِأَنَّ الزَّوْجَةَ رُبَّمَا أَقَرَّتْ فَشَهِدُوا عَلَيْهَا.

(وَ) سُنَّ أَنْ يَتَلَاعَنَا (بِوَقْتٍ وَمَكَانٍ مُعَظَّمَيْنِ) كَبَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ بِمَكَّةَ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَعِنْدَ مِنْبَرٍ فِي بَاقِي الْمَسَاجِدِ.

(وَ) سُنَّ (أَنْ يَأْمُرَ حَاكِمٌ مَنْ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى فَمِ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَيَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّهَا الْمُوجِبَةُ وَعَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ وَكَوْنُ الْخَامِسَةَ هِيَ الْمُوجِبَةُ أَيْ اللَّعْنَةَ أَوْ الْغَضَبَ عَلَى مَنْ كَذَبَ مِنْهُمَا لِالْتِزَامِهِ ذَلِكَ فِيهَا وَكَوْنُ عَذَابِ الدُّنْيَا أَهْوَنُ ; لِأَنَّهُ يَنْقَطِعُ وَعَذَابُ الْآخِرَةِ دَائِمٌ وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ التَّخْوِيفِ لِيَتُوبَ الْكَاذِبُ مِنْهُمَا وَيَرْتَدِعَ (وَيَبْعَثَ حَاكِمٌ إلَى) امْرَأَةٍ (خَفِرَةٍ) قَذَفَهَا زَوْجُهَا وَأَرَادَ لِعَانَهَا (مَنْ) أَيْ ثِقَةً (يُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ وَالْخَفِرَةُ مَنْ تَتْرُكُ الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهَا صِيَانَةً مِنْ الْخَفَرِ وَهُوَ الْحَيَاءُ.

(وَمَنْ قَذَفَ زَوْجَتَيْنِ) لَهُ (فَأَكْثَرَ وَلَوْ) كَانَ قَذَفَهُنَّ (بِكَلِمَةٍ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (بِلِعَانٍ) ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مَقْذُوفَةٌ فَلَا يَدْرَأُ عَنْهُ حَدَّهَا إلَّا لِعَانُهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَقْذِفْ غَيْرَهَا.

[فَصْلٌ شُرُوطُ اللِّعَان]

فَصْلٌ وَشُرُوطُهُ أَيْ اللِّعَانَ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا (كَوْنُهُ بَيْنَ زَوْجَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ وَلَوْ) كَانَا (قِنَّيْنِ) أَوْ أَحَدُهُمَا (أَوْ) كَانَا (فَاسِقَيْنِ) أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَوْ (أَحَدُهُمَا) كَذَلِكَ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] فَلَا لِعَانَ بِقَذْفِ أَمَتِهِ وَلَا تَعْزِيرَ وَأَمَّا اعْتِبَارُ التَّكْلِيفِ فَلِأَنَّ قَذْفَ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ لَا يُوجِبُ حَدًّا وَاللِّعَانُ إنَّمَا وَجَبَ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ (فَيُحَدُّ) الْقَاذِفُ (بِقَذْفِ أَجْنَبِيَّةٍ بِزِنًا وَلَوْ نَكَحَهَا بَعْدَ) قَذْفِهِ لَهَا وَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ بِلِعَانٍ لِأَنَّهُ وَجَبَ فِي غَيْرِ حَالِ الزَّوْجِيَّةِ (أَوْ قَالَ لَهَا) أَيْ لِزَوْجَتِهِ (زَنَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَنْكَحَكِ) فَيُحَدُّ لِلْقَذْفِ وَلَا لِعَانَ لِإِضَافَتِهِ إلَى حَالٍ لَمْ تَكُنْ فِيهِ زَوْجَةٌ وَيُفَارِقُ قَذْفَ الزَّوْجَةِ ; لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِأَنَّهَا خَانَتْهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى نَفْيِهِ وَأَمَّا مَنْ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ زِنَاهَا فَهُوَ مُفْرِطٌ فِي نِكَاحِ حَامِلٍ مِنْ زِنَا فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>