الرَّاهِنِ وَالْجَانِي وَأَوْلَى
(وَمَتَى اقْتَسَمَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ نَحْوَ دَارٍ (فَحَصَلَتْ الطَّرِيقُ فِي حِصَّةِ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا بِأَنْ حَصَلَ لِأَحَدِهِمَا مَا يَلِي الْبَابَ وَلِلْآخَرِ النِّصْفُ الدَّاخِلُ، (وَلَا مَنْفَذَ لِلْآخَرِ) الَّذِي حَصَلَ لَهُ الدَّاخِلُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَلَا مِلْكَ لَهُ يُجَاوِرُهُ يَنْفُذُ إلَيْهِ (بَطَلَتْ) الْقِسْمَةُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِ الدَّاخِلِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِمَا حَصَلَ لَهُ بِالْقِسْمَةِ، فَلَا تَكُونُ السِّهَامُ مُعَدَّلَةً لِوُجُوبِ التَّعْدِيلِ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ (وَأَيْ) الشُّرَكَاءِ (وَقَعَتْ ظُلَّةُ دَارٍ فِي نَصِيبِهِ) عِنْدَ الْقِسْمَةِ (فَهِيَ لَهُ) بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ لِوُقُوعِ الْقِسْمَةِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالظُّلَّةُ شَيْءٌ كَالصُّفَّةِ يُسْتَتَرُ بِهِ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ.
[بَابُ الدَّعَاوَى وَالْبَيَانَاتِ]
ِ الدَّعَاوَى جَمْعُ دَعْوَى مِنْ الدَّعَاوَى فَهِيَ الطَّلَبُ قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} [يس: ٥٧] أَيْ يَتَمَنُّونَ وَيَطْلُبُونَ، وَمِنْهُ حَدِيثُ: " «مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَ بِهَا عِنْدَ الْأَمْرِ الشَّدِيدِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَهُوَ قَوْلُهُمْ: يَا لَفُلَانٍ. وَ (الدَّعْوَى) اصْطِلَاحًا: (إضَافَةُ الْإِنْسَانِ إلَى نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقَ شَيْءٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ) إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا (أَوْ) فِي (ذِمَّتِهِ) أَيْ الْغَيْرِ إنْ كَانَ دَيْنًا مِنْ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ وَنَحْوِهِ، (وَالْمُدَّعِي مَنْ يَطْلُبُ غَيْرَهُ بِحَقٍّ) مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ (يَذْكُرُ اسْتِحْقَاقَهُ عَلَيْهِ) وَيُقَالُ: أَيْضًا مَنْ إذَا تَرَكَ تَرَكَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْمُطَالَبُ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ: مَنْ يُطَالِبُهُ غَيْرُهُ بِحَقٍّ يَذْكُرُ اسْتِحْقَاقَهُ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: مَنْ إذَا تَرَكَ لَمْ يَتْرُكْ (وَالْبَيِّنَةُ) وَاحِدَةُ الْبَيِّنَاتِ مِنْ بَانَ الشَّيْءُ فَهُوَ بَيِّنٌ وَالْأُنْثَى بَيِّنَةٌ. وَعُرْفًا: (الْعَلَامَةُ الْوَاضِحَةُ كَالشَّاهِدِ فَأَكْثَرُ) وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: " «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى أُنَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ. (وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إلَّا مِنْ) إنْسَانٍ (جَائِزِ التَّصَرُّفِ) أَيْ حُرٍّ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ.
(وَكَذَا إنْكَارٌ) فَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ (سِوَى إنْكَارِ سَفِيهٍ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ) لَوْ أَقَرَّ بِهِ (إذَنْ) أَيْ حَالَ سَفَهِهِ (وَبَعْدَ فَكِّ حَجْرٍ) عَنْهُ، وَهُوَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ مَقْصُودُهُ كَطَلَاقٍ وَحَدِّ قَذْفٍ فَيَصِحُّ مِنْهُ إنْكَارُهُ (وَيَحْلِفُ إذَا أَنْكَرَ) حَيْثُ تَجِبُ الْيَمِينُ. وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الدَّعْوَى عَلَى نَحْوِ صَغِيرٍ وَيَأْتِي فِي الْأَقْدَارِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute