الدَّعْوَى عَلَى الْقِنِّ
(وَإِذَا تَدَاعَيَا) أَيْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ (عَيْنًا) أَنَّهَا لَهُ (لَمْ تَخْلُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ، أَحَدِهِمَا: أَنْ لَا تَكُونَ) الْعَيْنُ (بِيَدِ أَحَدٍ وَلَا ثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ (ظَاهِرٌ) يُعْمَلُ بِهِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا، وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهَا كُلَّهَا لَهُ (تَحَالَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ لِلْآخَرِ فِيهَا (وَتَنَاصَفَاهَا) أَيْ قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِهَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ مِنْ يَدٍ وَغَيْرِهَا، (وَإِنْ وُجِدَ) أَمْرٌ (ظَاهِرٌ) يُرَجِّحُ أَنَّهَا لِأَحَدِهِمَا (عُمِلَ بِهِ) أَيْ بِهَذَا الظَّاهِرِ فَيَحْلِفُ وَيَأْخُذُهَا، (فَلَوْ تَنَازَعَا عَرْصَةً بِهَا شَجَرٌ) لَهُمَا (أَوْ) بِهَا (بِنَاءٌ لَهُمَا) أَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ (فَهِيَ) أَيْ الْعَرْصَةُ (لَهُمَا) بِحَسْبِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ ; لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَالْبِنَاءِ، أَوْ الشَّجَرُ اسْتِيفَاءٌ لِمَنْفَعَةِ الْعَرْصَةِ وَاسْتِيلَاءٌ عَلَيْهَا بِالتَّصَرُّفِ. (وَ) إنْ كَانَ الشَّجَرُ أَوْ الْبِنَاءُ (لِأَحَدِهِمَا فَ) الْعَرْصَةُ (لَهُ) أَيْ رَبِّ الشَّجَرِ أَوْ الْبِنَاءِ وَحْدَهُ لِمَا سَبَقَ (وَإِنْ تَنَازَعَا مَسْنَاةً) أَيْ سَدًّا يَرِدُ مَاءُ النَّهْرِ مِنْ جَانِبِهِ (بَيْنَ نَهْرِ أَحَدِهِمَا وَأَرْضِ الْآخَرِ) حَلَفَ كُلٌّ أَنَّ نِصْفَهَا لَهُ وَتَنَاصَفَاهَا ; لِأَنَّهُ حَاجِزٌ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا، يَنْتَفِعُ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَشْبَهَ الْحَائِطَ بَيْنَ الدَّارَيْنِ
(أَوْ) تَنَازَعَا (جِدَارًا بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا حَلَفَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (أَنَّ نِصْفَهُ لَهُ وَيُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا (إنْ تَشَاحَّا فِي الْمُبْتَدِي مِنْهُمَا بِالْيَمِينِ) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا فَأَمَرَ أَنْ يُسْهَمَ بَيْنَهُمْ فِي الْيَمِينِ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ؟» " قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هَذَا فِيمَنْ تَسَاوَوْا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ لِكَوْنِ الشَّيْءِ فِي يَدِ مُدَّعِيهِ، وَيُرِيدُ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّهُ (وَلَا يُقْدَحُ) فِي حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ (إنْ حَلَفَ) أَحَدُهُمَا أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا (أَنَّ كُلَّهُ) أَيْ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ (لَهُ وَتَنَاصَفَاهُ) أَيْ الْجِدَارَ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا (كَ) حَائِطٍ (مَعْقُودٍ بِبِنَائِهِمَا) إذَا تَنَازَعَاهُ، فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَيَتَنَاصَفَانِهِ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدُهُ عَلَى نِصْفِهِ (وَإِنْ كَانَ) الْحَائِطُ (مَعْقُودًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ) أَيْ بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا (اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ عَادَةً أَوْ) كَانَ (لَهُ) أَيْ لِأَحَدِهِمَا (عَلَيْهِ أَزَجٌ) .
قَالَ ابْنُ الْبَنَّاءِ: هُوَ الْقَبْوُ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ضَرْبٌ مِنْ الْأَبْنِيَةِ (أَوْ) كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ (سُتْرَةٌ) مَبْنِيَّةٌ أَوْ قُبَّةٌ (فَ) الْجِدَارُ (لَهُ) أَيْ لِمَنْ لَهُ ذَلِكَ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (بِيَمِينِهِ) ; لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ لَا يَقِينٌ إذْ يُحْتَمَلُ بِنَاءُ الْآخَرِ لَهُ الْحَائِطَ تَبَرُّعًا أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهُ إيَّاهُ وَنَحْوُهُ، وَإِنْ كَانَ مَعْقُودًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا عَقْدًا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ كَالْبِنَاءِ بِاللَّبِنِ، وَالْآجُرِّ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute