[فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ثَمَرَةٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا]
; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِجُمْلَةِ هَذَا الْحَدِيثِ (وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (زَرْعٍ قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ وَعَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَعْدِلُ عَنْ الْقَوْلِ بِهِ (لِغَيْرِ مَالِكِ الْأَصْلِ) أَيْ الشَّجَرِ (أَوْ) لِغَيْرِ مَالِكِ (الْأَرْضِ) .
فَإِنْ بَاعَ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِمَالِكِ أَصْلِهَا، أَوْ بَاعَ الزَّرْعَ قُبْلَ اشْتِدَادِهِ لِمَالِكِ أَرْضِهِ صَحَّ الْبَيْعُ لِحُصُولِ التَّسْلِيمِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْكَمَالِ لِمِلْكِهِ الْأَصْلَ وَالْقَرَارَ، فَصَحَّ كَبَيْعِهَا مَعَهُمَا (وَلَا يَلْزَمُهُمَا) أَيْ مَالِكَ الْأَصْلِ وَمَالِكَ الْأَرْضِ (قَطْعُ) ثَمَرَةٍ أَوْ زَرْعٍ (شُرِطَ) فِي الْبَيْعِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْأَرْضَ لَهُمَا (إلَّا) إذَا بِيعَتْ الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ (مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الْأَصْلِ وَالْأَرْضِ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ لِحُصُولِهِ فِيهِمَا تَبَعًا فَلَمْ يَضُرَّ احْتِمَالُ الْغَرَرِ فِيهِ، كَمَا اُحْتُمِلَتْ الْجَهَالَةُ فِي لَبَنِ ذَاتِ اللَّبَنِ وَالنَّوَى فِي التَّمْرِ (أَوْ) أَيْ إلَّا إذَا بِيعَتْ الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ (بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ) ; لِأَنَّ الْمَنْعَ لِخَوْفِ التَّلَفِ وَحُدُوثِ الْعَاهَةِ قَبْلَ الْأَخْذِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ «أَرَأَيْتَ إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهَذَا مَأْمُونٌ فِيمَا يُقْطَعُ فَصَحَّ بَيْعُهُ كَمَا لَوْ بَدَا صَلَاحُهُ
(إنْ انْتَفَعَ بِهِمَا) أَيْ بِالثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ الْمَبِيعَيْنِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِمَا كَثَمَرَةِ الْجَوْزِ وَزَرْعِ التُّرْمُسِ لَمْ يَصِحَّ لِمَا تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الْبَيْعِ
(وَلَيْسَا) أَيْ الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ (مُشَاعَيْنِ) فَإِنْ كَانَا كَذَلِكَ بِأَنْ بَاعَهُ النِّصْفَ وَنَحْوَهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ قَطْعُهُ إلَّا بِقَطْعِ مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَمْ يَصِحَّ اشْتِرَاطُهُ (وَكَذَا رَطْبَةٌ وَبُقُولٌ) لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا مُفْرَدَةً لِغَيْرِ مَالِكِ الْأَرْضِ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ ; لِأَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مَسْتُورٌ مُغَيَّبٌ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ مَعْدُومٌ فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَاَلَّذِي يَحْدُثُ مِنْ الثَّمَرَةِ، فَإِنْ شَرَطَ قَطْعَهُ صَحَّ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ مَعْلُومٌ لَا جَهَالَةَ فِيهِ وَلَا غَرَرَ
(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (قِثَّاءٍ وَنَحْوَهُ) كَبَاذِنْجَانٍ وَبَامْيَا (إلَّا لَقْطَةً لَقْطَةً) مَوْجُودَةٍ ; لِأَنَّ مَا لَمْ يُخْلَقْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ (أَوْ) إلَّا (مَعَ أَصْلِهِ) فَيَجُوزُ ; لِأَنَّهُ أَصْلٌ تَتَكَرَّرُ ثَمَرَتُهُ أَشْبَهَ الشَّجَرَ
(وَحَصَادُ) زَرْعٍ بِيعَ حَيْثُ صَحَّ عَلَى مُشْتَرٍ (وَلِقَاطُ) مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute