قُطِعَ الثَّالِثُ وَهَكَذَا وَإِنْ قَتَلَهُمْ مُتَفَرِّقًا وَاسْتَشْكَلَ الْأَوَّلُ وَادَّعَى كُلٌّ الْأَوَّلِيَّةِ وَلَا بَيِّنَةَ فَأَقَرَّ الْقَاتِلُ لِأَحَدِهِمْ قُدِّمَ وَإِلَّا أُقْرِعَ
(وَإِنْ قَتَلَ) جَانٍ (شَخْصًا وَقَطَعَ طَرَفَ آخَرَ) كَيَدِهِ (قُطِعَ) لِقَطْعِ الطَّرَفِ (ثُمَّ قُتِلَ) بِمَنْ قَتَلَهُ (بَعْدَ انْدِمَالٍ) تَقَدَّمَ الْقَتْلُ أَوْ تَأَخَّرَ ; لِأَنَّهُمَا جِنَايَتَانِ عَلَى شَخْصَيْنِ فَلَمْ يَتَدَاخَلَا كَقَطْعِ يَدَيْ رَجُلَيْنِ
وَإِنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَ آخَرُ ثُمَّ سَرَى الْقَطْعُ إلَى نَفْسِ الْمَقْطُوعِ ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ قَاتِلٌ لَهُمَا فَإِنْ تَشَاحَّا فِي الْمُسْتَوْفِي لِلْقَتْلِ قُتِلَ بِاَلَّذِي قَتَلَهُ لِسَبْقِ وُجُوبِ الْقَتْلِ بِهِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْقَتْلَ بِاَلَّذِي قَطَعَهُ إنَّمَا وَجَبَ عِنْدَ السِّرَايَةِ، وَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الْقَتْلِ.
(وَلَوْ قَطَعَ يَدَ زَيْدٍ وَ) قَطَعَ (إصْبَعَ عَمْرٍو مِنْ يَدٍ نَظِيرَتِهَا) أَيْ نَظِيرَةِ يَدِ زَيْدٍ الَّتِي قَطَعَهَا.
(وَ) قَطْعُ يَدِ (زَيْدٍ أَسْبَقُ) مِنْ قَطْعِ إصْبَعِ عَمْرٍو (قُدِّمَ) زَيْدٌ فَتُقْطَعُ يَدُ الْجَانِي لَهُ (وَلِعَمْرٍو دِيَةُ إصْبَعِهِ) لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ (وَمَعَ سَبْقِ) قَطْعِ إصْبَعِ (عَمْرٍو يُقَادُ لِإِصْبَعِهِ) أَيْ عَمْرٌو لِسَبْقِهِ (ثُمَّ) يُقَادُ (لِيَدِ زَيْدٍ بِلَا أَرْشٍ) لِئَلَّا يَجْمَعَ فِي عَفْوٍ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَالنَّفْسِ.
[بَابُ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ]
الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ الْعَفْوُ الْمَحْوُ وَالتَّجَاوُزُ وَالْإِسْقَاطُ (وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِهِ وَيَجِبُ بِعَمْدٍ) عُدْوَانٍ (الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ فَيُخَيَّرُ الْوَلِيُّ) أَيْ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ (بَيْنَهُمَا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا) " «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إمَّا أَنْ يُودَى وَإِمَّا أَنْ يُقَادُ» " رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ. وَعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ مَرْفُوعًا " «مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ أَوْ خَبَلٍ - وَالْخَبَلُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْجِرَاحُ - فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إحْدَى ثَلَاثٍ: إمَّا أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الْعَقْلَ أَوْ يَعْفُوَ، فَإِنْ أَرَادَ أَرْبَعَةً فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ (وَعَفْوُهُ) أَيْ الْوَلِيِّ (مَجَّانًا أَفْضَلُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: ٢٣٧] وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " «مَا عَفَا رَجُلٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ إلَّا زَادَهُ اللَّهُ بِهَا عِزًّا» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَيَصِحُّ عَفْوٌ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ وَكُلُّ مَا أَدَّى مَعْنَاهُ ; لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ (ثُمَّ لَا تَعْزِيرَ عَلَى جَانٍ) بَعْدَ عَفْوٍ ; لِأَنَّ عَلَيْهِ حَقًّا وَاحِدًا وَقَدْ سَقَطَ كَعَفْوٍ عَنْ دِيَةِ خَطَأٍ (فَإِنْ اخْتَارَ الْوَلِيُّ الْقَوَدَ) فَلَهُ أَخْذُهَا، وَالصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا ; لِأَنَّ الْقِصَاصَ أَعْلَى فَلَا يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ إلَى الْأَدْنَى، وَتَكُونُ الدِّيَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute