تُقْبَلُ دَعْوَى دَفْعِ (خَرَاجٍ) إلَيْهِمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (وَلَا) دَعْوَى دَفْعِ (جِزْيَةٍ) إلَيْهِمْ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِوَضٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الدَّفْعِ
(وَهُمْ) أَيْ: الْبُغَاةُ (فِي شَهَادَتِهِمْ وَ) فِي (إمْضَاءِ حُكْمِ حَاكِمِهِمْ كَأَهْلِ الْعَدْلِ) لِأَنَّ التَّأْوِيلَ السَّائِغَ فِي الشَّرْعِ لَا يُفَسَّقُ بِهِ الذَّاهِبُ إلَيْهِ أَشْبَهَ الْمُخْطِئَ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي فَرْعٍ فَيَقْضِي بِشَهَادَةِ عُدُولِهِمْ وَلَا يَنْقُضُ حُكْمَ حَاكِمِهِمْ إلَّا مَا خَالَفَ نَصَّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعًا وَيَجُوزُ قَبُولُ كِتَابِهِ وَإِمْضَاؤُهُ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فَيُؤْخَذُ عَنْهُمْ الْعِلْمُ مَا لَمْ يَكُونُوا دُعَاةً ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَمَّا الْخَوَارِجُ وَأَهْلُ الْبِدَعِ إذَا خَرَجُوا عَنْ الْإِمَامِ فَلَا تُقْبَلُ لَهُمْ شَهَادَةٌ وَلَا يَنْفُذُ لِقَضَائِهِمْ حُكْمٌ لِفِسْقِهِمْ
(وَإِنْ اسْتَعَانُوا) أَيْ الْبُغَاةُ (بِأَهْلِ ذِمَّةٍ أَوْ أَهْلِ عَهْدٍ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ وَصَارُوا كُلُّهُمْ أَهْلَ حَرْبٍ) لِقِتَالِهِمْ لَنَا كَمَا لَوْ انْفَرَدُوا بِهِ (إلَّا إنْ ادَّعَوْا) أَيْ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ (شُبْهَةً كَ) ظَنِّ (وُجُوبِ إجَابَتِهِمْ) أَيْ: الْبُغَاةِ لِكَوْنِهِمْ مُسْلِمِينَ وَقَالُوا لَا نَعْلَمُ الْبُغَاةَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ أَوْ ظَنَنَّا أَنَّهُمْ أَهْلَ الْعَدْلِ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا الْقِتَالُ مَعَهُمْ وَيُقْبَلُ مِنْهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ سَبَبُ النَّقْضِ (وَيَضْمَنُونَ) أَيْ: أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ (مَا أَتْلَفُوهُ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ (مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ) كَمَا لَوْ انْفَرَدُوا بِإِتْلَافِهِ بِخِلَافِ الْبُغَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالتَّضْمِينُ يُنَافِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنْفِيرِ وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَعَدَاوَتُهُمْ قَائِمَةٌ مَا دَامُوا كَذَلِكَ فَلَا ضَرَرَ فِي تَضْمِينِهِمْ
(وَإِنْ اسْتَعَانُوا) أَيْ الْبُغَاةُ (بِأَهْلِ حَرْبٍ وَأَمَّنُوهُمْ فَ) أَمَانُهُمْ (كَعَدَمِهِ) لِأَنَّهُمْ عَقَدُوهُ عَلَى قِتَالِنَا وَهُوَ مُحَرَّمٌ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِعِصْمَتِهِمْ فَيُبَاحُ قَتْلُهُمْ مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ وَأَخْذُ أَمْوَالِهِمْ وَسَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ (إلَّا أَنَّهُمْ فِي أَمَانٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى بُغَاةٍ) لِأَنَّهُمْ أَمَّنُوهُمْ فَلَا يَغْدِرُونَهُمْ.
[فَصْلٌ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ وَلَمْ يَخْرُجُوا عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ]
فَصْلٌ وَإِنْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ كَتَكْفِيرِ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ وَسَبِّ الصَّحَابَةِ (وَلَمْ يَخْرُجُوا عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ) أَيْ: لَمْ يَجْتَمِعُوا لِلْحَرْبِ (لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا " كَانَ يَخْطُبُ فَقَالَ مَنْ بِبَابِ الْمَسْجِدِ: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ ; تَعْرِيضًا لِلرَّدِّ عَلَيْهِ فِيمَا كَانَ مِنْ تَحْكِيمِهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute