(وَيُضْمَنُ بِالدِّيَةِ) لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ (وَيُكْرَهُ) لِعَدْلٍ (قَصْدُ رَحْمَةِ الْبَاغِي) كَأَخِيهِ وَعَمِّهِ (بِقَتْلٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ جَاهَدَاك عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] وَقَالَ الشَّافِعِيُّ «كَفَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةُ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ»
(وَتُبَاحُ اسْتِعَانَةٌ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْبُغَاةِ (بِسِلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَخَيْلِهِمْ وَعَبِيدِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ لِضَرُورَةٍ فَقَطْ) لِعِصْمَةِ الْإِسْلَامِ أَمْوَالَهُمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ قِتَالُهُمْ لِرَدِّهِمْ إلَى الطَّاعَةِ وَأَمَّا جَوَازُهُ مَعَ الضَّرُورَةِ فَكَأَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ فِي الْمَخْمَصَةِ
(مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ) أَيْ الْبُغَاةِ (وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ أُنْثَى حُبِسَ حَتَّى مَنْ لَا شَوْكَةَ لَهُ وَلَا حَرْبَ) دَفْعًا لِضَرَرِهِمْ عَنْ أَهْلِ الْعَدْلِ ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَحْصُلُ مِنْهُمْ مُسَاعَدَةُ الْمُقَاتِلَةِ وَفِي حَبْسِهِمْ كَسْرُ قُلُوبِ الْبُغَاةِ
(وَإِذَا انْقَضَتْ) الْحَرْبُ (فَمَنْ وَجَدَ مِنْهُمْ) أَيْ الْبُغَاةِ (مَالَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ) مِنْ أَهْلِ عَدْلٍ وَبَغْيٍ (أَخَذَهُ) مِنْهُمْ لِأَنَّ أَمْوَالَهُمْ كَأَمْوَالِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ اغْتِنَامُهَا لِبَقَاءِ مِلْكِهِمْ عَلَيْهَا، وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْجَمَلِ: مَنْ عَرَفَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ مَعَ أَحَدٍ فَلْيَأْخُذْهُ فَعَرَفَ بَعْضُهُمْ قِدْرًا مَعَ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَهُوَ يَطْبُخُ فِيهَا فَسَأَلَهُ إمْهَالَهُ حَتَّى يَنْضَجَ الطَّبِيخُ فَأَبَى وَكَبَّهُ وَأَخَذَهَا
(وَلَا يَضْمَنُ بُغَاةٌ مَا أَتْلَفُوهُ) عَلَى أَهْلِ عَدْلٍ حَالَ حَرْبٍ (كَ) مَا لَا يَضْمَنُ (أَهْلُ عَدْلٍ) مَا أَتْلَفُوهُ لِبُغَاةٍ حَالَ حَرْبٍ لِأَنَّ عَلِيًّا لَمْ يُضَمِّنْ الْبُغَاةَ مَا أَتْلَفُوهُ حَالَ الْحَرْبِ، مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ هَاجَتْ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ فَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُقَادُ وَاحِدٌ وَلَا يُؤْخَذُ مَالٌ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ إلَّا مَا وُجِدَ. ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ مُحْتَجًّا بِهِ (وَيَضْمَنَانِ) أَيْ أَهْلُ الْعَدْلِ وَالْبُغَاةُ (مَا أَتْلَفَاهُ فِي غَيْرِ حَرْبٍ) أَيْ يَضْمَنُ كُلٌّ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فِي غَيْرِ حَرْبٍ ; لِإِتْلَافِهِ مَعْصُومًا بِلَا حَقٍّ وَلَا ضَرُورَةِ دَفْعٍ
(وَمَا أَخَذُوا) أَيْ الْبُغَاةُ (حَالَ امْتِنَاعِهِمْ) عَنْ أَهْلِ الْعَدْلِ، أَيْ: حَالَ شَوْكَتِهِمْ (مِنْ زَكَاةٍ وَخَرَاجٍ وَجِزْيَةٍ اُعْتُدَّ بِهِ) لِدَافِعِهِ إلَيْهِمْ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيًا إذَا ظَفِرَ بِهِ أَهْلُ الْعَدْلِ لِأَنَّ عَلِيًّا لِمَا ظَفِرَ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَمْ يُطَالِبْهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا جَبَاهُ الْبُغَاةُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ يَأْتِيهِمْ سَاعِي نَجْدَةَ الْحَرُورِيُّ فَيَدْفَعُونَ إلَيْهِ زَكَاتَهُمْ وَلِأَنَّ فِي تَرْكِ الِاحْتِسَابِ بِذَلِكَ ضَرَرًا عَظِيمًا عَلَى الرَّعَايَا
(وَيُقْبَلُ بِلَا يَمِينٍ) مِمَّنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ (دَعْوَى دَفْعِ زَكَاةٍ إلَيْهِمْ) أَيْ الْبُغَاةِ كَدَعْوَى دَفْعِهَا إلَى الْفُقَرَاءِ وَلِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُسْتَحْلَفُ عَلَيْهَا كَالصَّلَاةِ وَ (لَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute