الْأَمْرِ، أَيْ فَأَنْظِرُوهُ إلَى مَيْسَرَتِهِ وَلِحَدِيثِ «خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» .
وَرُوِيَ " لَا سَبِيلَ لَكُمْ عَلَيْهِ " (فَمَنْ أَقْرَضَهُ) أَيْ الْمُفْلِسَ شَيْئًا (أَوْ بَاعَهُ شَيْئًا لَمْ يَمْلِكْ طَلَبَهُ) بِبَدَلِ الْقَرْضِ أَوْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ ; لِأَنَّهُ الَّذِي أَتْلَفَ مَالَهُ بِمُعَامَلَةِ مَنْ لَا شَيْءَ مَعَهُ (حَتَّى يَنْفَكَّ حَجْرُهُ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ غُرَمَائِهِ حَالَ الْحَجْرِ بِعَيْنِ مَالِهِ وَإِنْ وَجَدَ مَنْ أَقْرَضَهُ أَوْ بَاعَهُ عَيْنَ مَالِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهَا إنْ جَهِلَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَتَقَدَّمَ.
[فَصْلٌ فِي الْحَجْرِ لِحَظِّ نَفْسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]
(فَصْلٌ) فِي الْحَجْرِ لِحَظِّ نَفْسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: ٥] وَأَضَافَ الْأَمْوَالَ إلَى الْأَوْلِيَاءِ ; لِأَنَّهُمْ مُدَبِّرُوهَا (وَمَنْ دَفَعَ مَالِهِ بِعَقْدٍ) كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ (أَوْ لَا) أَيْ بِغَيْرِ عَقْدٍ كَوَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ (إلَى مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِحَظِّ نَفْسِهِ) بِاخْتِيَارِهِ، وَهُوَ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ (رَجَعَ) الدَّافِعُ (فِي بَاقٍ) مِنْ مَالِهِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ.
(وَمَا تَلِفَ) مِنْهُ بِنَفْسِهِ كَمَوْتِ قِنٍّ أَوْ حَيَوَانٍ، أَوْ بِفِعْلِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ كَقَتْلِهِ لَهُ فَهُوَ (عَلَى مَالِكِهِ) غَيْرَ مَضْمُونٍ ; لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ بِرِضَاهُ (عَلِمَ) الدَّافِعُ (بِحَجْرِ) الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ (أَوْ لَا) لِتَفْرِيطِهِ ; لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمْ فِي مَظِنَّةِ الشُّهْرَةِ (وَيَضْمَنُ) مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَظِّ نَفْسِهِ (جِنَايَةً) عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ وَنَحْوِهِ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الْجِنَايَاتِ.
(وَ) يَضْمَنُ (إتْلَافَ مَا لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِ) مِنْ الْمَالِ لِاسْتِوَاءِ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ فِيهِ (وَمِنْ إعْطَاءِ) أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِحَظِّ نَفْسِهِ (مَالًا) بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ فِي دَفْعِهِ (ضَمِنَهُ آخِذُهُ) لِتَعَدِّيهِ بِقَبْضِهِ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ دَفْعٌ (حَتَّى يَأْخُذَهُ) مِنْهُ (وَلِيُّهُ) أَيْ وَلِيُّ الدَّافِعِ لَهُ ; لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِقَبْضِ مَالِ الدَّافِعِ وَحِفْظِهِ وَ (لَا) يَضْمَنُ مَنْ أَخَذَ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِحَظِّهِ مَالًا (إنْ أَخَذَهُ لِيَحْفَظَهُ) عَنْ الضَّيَاعِ (كَأَخْذِهِ مَغْصُوبًا) مِنْ غَاصِبِهِ أَوْ غَيْرِهِ (لِيَحْفَظَهُ لِرَبِّهِ وَلَمْ يُفَرِّطْ) فَلَا يَضْمَنُهُ ; لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْإِعَانَةِ عَلَى رَدِّ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّيهِ فَإِنْ فَرَّطَ ضَمِنَ
(وَمَنْ بَلَغَ) مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَخُنْثَى (رَشِيدًا) انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ (أَوْ) بَلَغَ (مَجْنُونًا ثُمَّ عَقَلَ وَرَشَدَ انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: ٦]- الْآيَةَ ; وَلِأَنَّ الْحَجْرَ إنَّمَا كَانَ لِعَجْزِهِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ حِفْظًا لَهُ وَقَدْ زَالَ فَيَزُولُ الْحَجْرُ لِزَوَالِ عِلَّتِهِ (بِلَا حُكْمٍ) بِفَكِّهِ، وَسَوَاءٌ رَشَّدَهُ الْوَلِيُّ أَوْ لَا ; لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute