وَالْأَصْلُ عُمُومُهُ لَكِنْ خُولِفَ فِيمَا فِيهِ دَلِيلٌ خَاصٌّ لِلدَّلِيلِ فَبَقِيَ فِيمَا عَدَاهُ عَلَى عُمُومِهِ (بِصِفَاتِهَا) أَيْ: السَّرِقَةِ فِي شَهَادَتِهِمَا وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ. لِأَنَّهُ حَدٌّ فَيُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ كَالزِّنَا (وَلَا تُسْمَعُ) شَهَادَتُهُمَا (قَبْلَ الدَّعْوَى) مِنْ مَالِكٍ مَسْرُوقٍ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ (أَوْ بِإِقْرَارِ) السَّارِقِ (مَرَّتَيْنِ) لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إتْلَافًا فَاعْتُبِرَ تَكْرَارُ الْإِقْرَارِ فِيهِ كَالزِّنَا أَوْ يُقَالُ: الْإِقْرَارُ أَحَدُ حُجَّتَيْ الْقَطْعِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ التَّكْرَارُ كَالشَّهَادَةِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا بِمَا حَكَاهُ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ: لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ مَرَّتَيْنِ (وَيَصِفَهَا) أَيْ: السَّرِقَةَ السَّارِقُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لِاحْتِمَالِ ظَنِّهِ وُجُوبَ الْقَطْعِ عَلَيْهِ مَعَ فَقْدِ بَعْضِ شُرُوطِهِ (وَلَا يَنْزِعُ) أَيْ: يَرْجِعُ عَنْ إقْرَارِهِ (حَتَّى يُقْطَعَ) فَإِنْ رَجَعَ تُرِكَ (وَلَا بَأْسَ بِتَلْقِينِهِ) أَيْ السَّارِقِ (الْإِنْكَارَ) لِحَدِيثِ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلِصٍّ قَدْ اعْتَرَفَ فَقَالَ: مَا أَخَالُك سَرَقْت؟ قَالَ بَلَى، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ قَالَ: بَلَى. فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
الشَّرْطُ (الثَّامِنُ مُطَالَبَةُ مَسْرُوقٍ مِنْهُ أَوْ) مُطَالَبَةُ (وَكِيلِهِ أَوْ) مُطَالَبَةُ (وَلِيِّهِ) أَيْ إذَا كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِحَظِّهِ. لِأَنَّ الْمَالَ يُبَاحُ بِالْبَذْلِ وَالْإِبَاحَةِ فَيُحْتَمَلُ إبَاحَةُ مَالِكِهِ إيَّاهُ أَوْ إذْنُهُ لَهُ فِي دُخُولِ حِرْزِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُسْقِطُ الْقَطْعَ فَإِذَا طَالَبَ رَبُّ الْمَالِ بِهِ زَالَ هَذَا الِاحْتِمَالُ وَانْتَفَتْ الشُّبْهَةُ (فَلَوْ أَقَرَّ) شَخْصٌ (بِسَرِقَةٍ مِنْ غَائِبٍ أَوْ قَامَتْ بِهَا بَيِّنَةٌ اُنْتُظِرَ حُضُورُهُ وَدَعْوَاهُ) أَيْ: الْغَائِبِ بِأَنْ يُطَالِبَ السَّارِقَ لِتَكْمُلَ شُرُوطُ الْقَطْعِ (فَيُحْبَسُ) السَّارِقُ إلَى قُدُومِ الْغَائِبِ وَطَلَبِهِ أَوْ تَرْكِهِ (وَتُعَادُ) شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ دَعْوَاهُ لِأَنَّ تَقَدُّمَهَا عَلَيْهِ شَرْطٌ لِلِاعْتِدَادِ بِهَا (وَإِنْ كَذَّبَ مُدَّعٍ نَفْسَهُ) فِي شَيْء مِمَّا يُوجِبُ الْقَطْعَ سَقَطَ الْقَطْعُ لِفَوَاتِ شُرُوطِهِ.
[الْقَطْعُ إذَا وَجَبَ فِي السَّرِقَة قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى]
فَصْلٌ وَإِذَا وَجَبَ الْقَطْعُ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى لِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ " فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا " وَهُوَ إمَّا قِرَاءَةٌ أَوْ تَفْسِيرٌ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ لَا يُظَنُّ بِمِثْلِهِ أَنْ يُثْبِتَ شَيْئًا فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ، وَلِأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ ; وَلِأَنَّ السَّرِقَةَ جِنَايَةُ الْيُمْنَى غَالِبًا فَتُقْطَعُ (مِنْ مِفْصَلِ كَفِّهِ) لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: تُقْطَعُ يُمْنَى السَّارِقِ مِنْ الْكُوعِ. وَلِأَنَّ الْيَدَ تُطْلَقُ عَلَيْهَا إلَى الْكُوعِ وَإِلَى الْمِرْفَقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute