للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَى الْمَنْكِبِ وَإِرَادَةُ مَا سِوَى الْأَوَّلِ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يُقْطَعُ مَعَ الشَّكِّ (وَحُسِمَتْ وُجُوبًا) «لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَارِقٍ اقْطَعُوهُ وَاحْسِمُوهُ» .

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي إسْنَادِهِ مَقَالًا، وَحَسْمُهَا (بِغَمْسِهَا فِي زَيْتٍ مَغْلِيٍّ) لِتَسْتَدَّ أَفْوَاهُ الْعُرُوقِ فَيَنْقَطِعُ الدَّمُ إذْ لَوْ تُرِكَ بِلَا حَسْمٍ لَنَزَفَ الدَّمُ فَأَدَّى إلَى مَوْتِهِ

(وَسُنَّ تَعْلِيقُهَا) أَيْ يَدِ السَّارِقِ الْمَقْطُوعَةِ (فِي عُنُقِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ رَآهُ الْإِمَامُ) أَيْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ لِتَتَّعِظَ السُّرَّاقُ بِهِ

(فَإِنْ عَادَ) مَنْ قُطِعَتْ يُمْنَاهُ إلَى السَّرِقَةِ (قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنْ مَفْصِلِ كَعْبِهِ بِتَرْكِ عَقِبِهِ) أَمَّا قَطْعُ الرِّجْلِ فَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «فِي السَّارِقِ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ» وَلِأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَأَمَّا كَوْنُهَا الْيُسْرَى فَقِيَاسًا عَلَى الْمُحَارَبَةِ، وَلِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ لِأَنَّ الْمَشْيَ عَلَى الرِّجْلِ الْيُمْنَى أَسْهَلُ وَأَمْكَنُ لَهُ مِنْ الْيُسْرَى، وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ مَفْصِلِ كَعْبِهِ وَتَرْكِ عَقِبِهِ فَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ مِنْ شَطْرِ الْقَدَمِ وَيَتْرُكُ عَقِبَهَا يَمْشِي عَلَيْهَا (وَحُسِمَتْ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي يَدِهِ وَيَنْبَغِي فِي قَطْعِهِ أَنْ يُقْطَعَ بِأَسْهَلَ مَا يُمْكِنُ بِأَنْ يُجْلَسَ وَيُضْبَطَ لِئَلَّا يَتَحَرَّكَ فَيَجْنِي عَلَى نَفْسِهِ وَتَشْدِيدِهِ بِحَبْلٍ وَتُجَرَّ حَتَّى يَتَيَقَّنَ الْمَفْصِلَ ثُمَّ تُوضَعُ السِّكِّينُ وَتُجَرَّ بِقُوَّةٍ لِيَقْطَعَ فِي مَرَّةٍ

(فَإِنْ عَادَ) فَسَرَقَ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ (حُبِسَ حَتَّى يَتُوبَ وَيَحْرُمُ أَنْ يُقْطَعَ) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ " حَضَرْت عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَتَى بِرَجُلٍ مَقْطُوعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ قَدْ سَرَقَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَا تَرَوْنَ فِي هَذَا؟ قَالُوا اقْطَعْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: أَقْتُلُهُ إذَنْ وَمَا عَلَيْهِ الْقَتْلُ، بِأَيِّ شَيْءٍ يَأْكُلُ الطَّعَامَ؟ بِأَيِّ شَيْءٍ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ؟ بِأَيِّ شَيْءٍ يَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَتِهِ بِأَيِّ شَيْءٍ يَقُومُ إلَى حَاجَتِهِ؟ فَرَدَّهُ إلَى السِّجْنِ أَيَّامًا ثُمَّ أَخْرَجَهُ فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فَقَالُوا مِثْلَ قَوْلِهِمْ الْأَوَّلِ، وَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَجَلَدَهُ جَلْدًا شَدِيدًا ثُمَّ أَرْسَلَهُ " رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَلِأَنَّ فِي قَطْعِ يَدِهِ الْأُخْرَى تَفْوِيتًا لِمَنْفَعَةِ جِنْسِ الْيَدِ وَذَهَابَ عُضْوَيْنِ مِنْ شِقٍّ، وَحِكْمَةُ حَبْسِهِ كَفُّهُ عَنْ السَّرِقَةِ وَتَعْزِيرُهُ

(فَلَوْ سَرَقَ) شَخْصٌ (وَيَمِينُهُ) أَيْ يُمْنَى يَدِهِ ذَاهِبَةٌ (أَوْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ذَاهِبَةٌ قُطِعَ الْبَاقِي مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ يُمْنَى يَدَيْهِ وَيُسْرَى رِجْلَيْهِ. لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْجِنْسِ لَا تَتَعَطَّلُ بِذَلِكَ وَلَيْسَا مِنْ شِقٍّ وَاحِدٍ (وَإِنْ كَانَ الذَّاهِبُ) مِنْ السَّارِقِ (يَدَهُ الْيُسْرَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى لَمْ يُقْطَعْ) مِنْهُ شَيْءٌ (لِتَعْطِيلِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ وَذَهَابِ عُضْوَيْنِ مِنْ شِقٍّ) بِذَلِكَ الْقَطْعِ لَوْ فَعَلَ (

<<  <  ج: ص:  >  >>