[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ]
(وَاحِدُهَا طَعَامٌ، وَهُوَ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ) قَالَ تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهْرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي، وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: ٢٤٩] (وَأَصْلُهَا الْحِلُّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩] وَقَوْلِهِ: {كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} [البقرة: ١٦٨] وَقَوْلِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: ٥] (فَيَحِلُّ كُلُّ طَعَامٍ طَاهِرٍ) لَا نَجِسٍ أَوْ مُتَنَجِّسٍ (لَا مَضَرَّةَ فِيهِ) بِخِلَافِ نَحْوِ: سُمُومٍ (حَتَّى الْمِسْكِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا لَا يُؤْكَلُ عَادَةً كَقِشْرِ بَيْضٍ وَقَرْنِ حَيَوَانٍ مُذَكًّى إذَا دُقَّا وَنَحْوِهِ
(وَيَحْرُمُ نَجِسٌ كَدَمٍ وَمَيْتَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: ٣] (وَ) يَحْرُمُ (مُضِرٌّ كَسُمٍّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] وَالسُّمُّ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَلِذَا عُدَّ مُطْعِمُهُ لِغَيْرِهِ قَاتِلًا.
وَفِي الْوَاضِحِ الْمَشْهُورُ أَنَّ السُّمَّ نَجِسٌ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِأَكْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الذِّرَاعِ الْمَسْمُومَةِ وَنَحْوِ السَّقَمُونْيَا وَالزَّعْفَرَانِ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّ، وَيَجُوزُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ لِقِلَّةٍ أَوْ إضَافَةِ مَا يُصْلِحُهُ (وَ) يَحْرُمُ (مِنْ حَيَوَانِ الْبَرِّ حُمُرٌ أَهْلِيَّةٌ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ " «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَفِيلٍ) قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ هُوَ مِنْ أَطْعِمَةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ مَسْخٌ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِهَا نَابًا، وَلِأَنَّهُ مُسْتَخْبَثٌ فَيَدْخُلُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] .
(وَ) يَحْرُمُ (مَا يَفْتَرِسُ بِنَابِهِ) أَيْ يَنْهَشُ (كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَذِئْبٍ وَفَهْدٍ وَكَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَقِرْدٍ وَدُبٍّ وَنِمْسٍ وَابْنِ آوَى وَابْنِ عِرْسٍ وَسِنَّوْرٍ مُطْلَقًا) أَيْ: أَهْلِيًّا كَانَ أَوْ بَرِّيًّا، وَمِنْ أَنْوَاعِهِ التَّفَّة لِلْحَدِيثَيْنِ (وَثَعْلَبٌ وَسِنْجَابٌ وَسَمُّورٌ وَفَنَكٌ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالنُّونِ لِأَنَّهَا مِنْ السِّبَاعِ ذَوَاتِ النَّابِ، فَتَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّهْيِ (سِوَى ضَبُعٍ) لِعُمُومِ الرُّخْصَةِ فِيهِ عَنْ سَعْدٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ " مَا زَالَتْ الْعَرَبُ تَأْكُلُ الضَّبُعَ لَا تَرَى بِأَكْلِهِ بَأْسًا " وَلِحَدِيثِ جَابِرٍ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْلِ الضَّبُعِ قُلْت هِيَ صَيْدٌ؟ قَالَ نَعَمْ.»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute