[فَصْلٌ وَالْمُسَابَقَةُ جَعَالَةٌ]
ٌ ; لِأَنَّ الْجُعْلَ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ وَسَبَقِهِ (لَا يُؤْخَذُ بِعِوَضِهَا رَهْنٌ وَلَا كَفِيلٌ) ; لِأَنَّهُ جُعِلَ عَلَى مَا لَا تَتَحَقَّقُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَهُوَ السَّبَقُ أَوْ الْإِصَابَةُ. أَشْبَهَ الْجُعْلَ فِي رَدِّ الْآبِقِ (وَلِكُلٍّ) مِنْ الْمُتَسَابِقَيْنِ (فَسْخُهَا) كَسَائِرِ الْجَعَالَاتِ (مَا لَمْ يَظْهَرْ لِصَاحِبِهِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَفْضُولِ، بِأَنْ سَبَقَهُ فِي بَعْضِ الْمَسَافَةِ أَوْ أَصَابَ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي أَثْنَاءِ الرَّمْيِ، لِئَلَّا يَفُوتَ غَرَضُ الْمُسَابَقَةِ بِفَسْخِ مَنْ ظَهَرَ لَهُ فَضْلُ صَاحِبِهِ وَأَمَّا الْفَاضِلُ فَلَهُ الْفَسْخُ.
(وَيَبْطُلُ) سِبَاقٌ (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) كَسَائِرِ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ (أَوْ) بِمَوْتِ (أَحَدِ الْمَرْكُوبَيْنِ) لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِعَيْنِهِ وَ (لَا) يَبْطُلُ بِمَوْتِ (أَحَدِ الرَّاكِبَيْنِ) أَوْ هُمَا (أَوْ تَلَفِ إحْدَى الْقَوْسَيْنِ) ; لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ.
(وَ) يَحْصُلُ (سَبَقٌ فِي خَيْلٍ مُتَمَاثِلِي الْعُنُقِ بِرَأْسٍ) (وَفِي) خَيْلِ (مُخْتَلِفَيْهِمَا) أَيْ: الْعُنُقَيْنِ بِكَتِفٍ (وَ) فِي (إبِلٍ بِكَتِفٍ) لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الرَّأْسِ هُنَا. فَإِنَّ طَوِيلَ الْعُنُقِ قَدْ تَسْبِقُ رَأْسُهُ لِطُولِ عُنُقِهِ لَا بِسُرْعَةِ عَدْوِهِ، وَفِي الْإِبِلِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ. وَمِنْهَا مَا يَمُدُّ عُنُقَهُ فَرُبَّمَا سَبَقَ رَأْسُهُ لِمَدِّ عُنُقِهِ لَا بِسَبَقِهِ، فَإِنْ سَبَقَ رَأْسُ صَغِيرِ الْعُنُقِ فَقَدْ سَبَقَ بِالضَّرُورَةِ. وَإِنْ سَبَقَ رَأْسُ طَوِيلِ الْعُنُقِ بِأَكْثَرَ مِمَّا بَيْنَهُمَا فِي طُولِ الْعُنُقِ فَقَدْ سَبَقَ وَإِنْ كَانَ بِقَدْرِهِ فَلَا سَبَقَ. وَبِأَقَلَّ فَالْآخَرُ سَابِقٌ. وَإِنْ شَرَطَا السَّبَقَ بِأَقْدَامٍ مَعْلُومَةٍ لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ، وَلَا يَقِفُ الْفَرَسَانِ عِنْدَ الْغَايَةِ بِحَيْثُ يُعْرَفُ مَسَافَةُ مَا بَيْنَهُمَا. وَيُعْتَبَرُ لِمُسَابَقَةٍ بِعِوَضٍ إرْسَالُ الْفَرَسَيْنِ أَوْ الْبَعِيرَيْنِ دَفْعَةً وَاحِدَةٍ وَأَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَوَّلِ الْمَسَافَةِ مَنْ يُشَاهِدُ إرْسَالَهُمَا وَعِنْدَ الْغَايَةِ مَنْ يَضْبِطُ السَّابِقَ مِنْهُمَا لِئَلَّا يَخْتَلِفَا فِي ذَلِكَ.
(وَيَحْرُمُ أَنْ يُجَنِّبَ أَحَدَهُمَا مَعَ فَرَسِهِ) أَيْ: بِجَانِبِهِ فَرَسًا (أَوْ) يُجَنِّبَ (وَرَاءَهُ فَرَسًا) لَا رَاكِبَ عَلَيْهِ (يُحَرِّضُهُ عَلَى الْعَدْوِ. وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يَصِيحَ بِهِ) أَيْ: بِفَرَسِهِ (فِي وَقْتِ سِبَاقِهِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ فِي الرِّهَانِ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَجْلَبَ عَلَى الْخَيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ فَلَيْسَ مِنَّا» ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute