صَاحِبِهِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي إخْرَاجِ الْإِنْسَانِ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ وَقَعَ الْمَوْقِعَ بِخِلَافِ مُخْرِجٍ عَنْ غَيْرِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ سَابِقٌ (ضَمِنَ الثَّانِيَ) مَا أَخْرَجَهُ عَنْ الْأَوَّلِ (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) الثَّانِي إخْرَاجَ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّهُ انْعَزَلَ حُكْمًا كَمَا لَوْ مَاتَ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُوَكِّلٍ أَنَّهُ أَخْرَجَ قَبْلَ دَفْعِ وَكِيلِهِ لِسَاعٍ وَقَوْلُ دَافِعٍ إلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ أَخْرَجَهَا وَتُؤْخَذُ مِنْ سَاعٍ إنْ كَانَتْ بِيَدِهِ وَإِلَّا فَلَا.
و (لَا) يَضْمَنُ وَكِيلٌ (إنْ أَدَّى دَيْنًا) عَنْ مُوَكِّلِهِ (بَعْدَ أَدَاءِ مُوَكِّلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ) أَوْ وَكِيلٌ بِأَدَاءِ مُوَكِّلِهِ لِأَنَّ مُوَكِّلَهُ غَيْرُهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقُ هُنَا التَّفْوِيتُ ; لِأَنَّ لِلْمُوَكِّلِ الرُّجُوعَ عَلَى الْقَابِضِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْقَابِضُ لِلزَّكَاةِ مِنْهُمَا السَّاعِيَ، وَالزَّكَاةُ بِيَدِهِ، فَلَا يَضْمَنُ الْمُخْرِجُ، وَيَرْجِعُ مُخْرَجٌ عَنْهُ عَلَى سَاعٍ مَا دَامَتْ بِيَدِهِ (وَلِمَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ الصَّدَقَةُ تَطَوُّعًا قَبْلَ إخْرَاجِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ كَالتَّطَوُّعِ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ أَدَاءِ فَرْضِهَا، وَتَقَدَّمَ عَلَى نَذْرِهِ، فَإِنْ قَدَّمَهُ لَمْ يَصِرْ زَكَاةً.
[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]
ِ (صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ بِالْفِطْرِ مِنْ) آخِرِ (رَمَضَانَ) طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنْ الرَّفَثِ وَاللَّغْوِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي قَوْله تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: ١٤] " هُوَ زَكَاةُ الْفِطْرِ ".
قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ، وَقِيلَ لَهَا فِطْرَةٌ، لِأَنَّ الْفِطْرَةَ الْخِلْقَةُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فِطْرَةُ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠] وَهَذِهِ يُرَادُ بِهَا الصَّدَقَةُ عَنْ النَّفْسِ وَالْبَدَنِ (وَتُسَمَّى) زَكَاةَ الْفِطْرِ (فَرْضًا) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ «فَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ» وَلِأَنَّ الْفَرْضَ إمَّا بِمَعْنَى الْوَاجِبِ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ، أَوْ الْمُتَأَكِّدِ وَهِيَ مُتَأَكِّدَةٌ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَأَجْمَعَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَرْضٌ.
قَالَ إِسْحَاقُ: هُوَ كَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
(وَمَصْرِفُهَا) أَيْ: زَكَاةِ الْفِطْرِ (ك) مَصْرِفِ (زَكَاةِ) مَالٍ لِعُمُومِ {إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] الْآيَةَ وَكَزَكَاةِ الْمَالِ (وَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَهَا) أَيْ زَكَاةِ الْفِطْرِ (دَيْنٌ) لِتَأَكُّدِ هَا بِدَلِيلِ وُجُوبِهَا عَلَى الْفَقِيرِ وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَدَرَ عَلَيْهَا، وَتَحَمُّلِهَا عَمَّنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ وَلِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْبَدَنِ، وَالدَّيْنُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ (إلَّا مَعَ طَلَبٍ) بِالدَّيْنِ فَتَسْقُطُ لِوُجُوبِ أَدَائِهِ بِالطَّلَبِ، وَتَأَكُّدِهِ بِكَوْنِهِ حَقَّ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، وَبِكَوْنِهِ أَسْبَقَ سَبَبًا.
(وَتَجِبُ) الْفِطْرَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute