[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]
الْإِقْرَارُ وَهُوَ الِاعْتِرَافُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَقَرِّ وَهُوَ الْمَكَانُ، كَأَنَّ الْمُقِرَّ جَعَلَ الْحَقَّ فِي مَوْضِعِهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِالْحَقِّ عَلَى وَجْهٍ مَنْفِيَّةٍ مِنْهُ التُّهْمَةُ وَالرِّيبَةُ، فَإِنَّ الْعَاقِلَ لَا يَكْذِبُ عَلَى نَفْسِهِ كَذِبًا يَضُرُّهَا، فَلِهَذَا قُدِّمَ عَلَى الشَّهَادَةِ فَلَا تُسْمَعُ مَعَ إقْرَارِ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَلَوْ أَكْذَبَ مُدَّعٍ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ وَلَوْ أَنْكَرَ. ثُمَّ أَقَرَّ سُمِعَ إقْرَارُهُ (وَهُوَ) أَيْ الْإِقْرَارُ شَرْعًا (إظْهَارُ مُكَلَّفٍ) لَا صَغِيرٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ لَهُ وَمَجْنُونٍ لِحَدِيثِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ» وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فَلَمْ يَصِحَّ كَفِعْلِهِ (مُخْتَارٍ) لِمَفْهُومِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ، وَكَالْبَيْعِ (مَا) أَيْ حَقًّا (عَلَيْهِ) مِنْ دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِلَفْظٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ أَوْ) إظْهَارِ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ مَا (عَلَى مُوَكِّلِهِ) فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ (أَوْ) مَا عَلَى (مُوَلِّيهِ) مِمَّا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ كَإِقْرَارِهِ بِبَيْعِ عَيْنِ مَالِهِ وَنَحْوِهِ لَا بِدَيْنٍ عَلَيْهِ (أَوْ) مَا عَلَى (مُوَرِّثِهِ بِمَا) أَيْ شَيْءٍ (يُمْكِنُ صِدْقُهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً وَسِنُّهُ عِشْرُونَ فَمَا دُونَهَا (وَلَيْسَ) الْإِقْرَارُ (بِإِنْشَاءٍ) بَلْ إخْبَارٍ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (فَيَصِحُّ) الْإِقْرَارُ (وَلَوْ مَعَ إضَافَةِ) الْمُقِرِّ (الْمِلْكَ إلَيْهِ) كَقَوْلِهِ " عَبْدِي هَذَا وَدَارِي لِزَيْدٍ " إذْ الْإِضَافَةُ تَكُونُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ فَلَا تُنَافِي الْإِقْرَارَ بِهِ
(وَ) يَصِحُّ الْإِقْرَارُ وَلَوْ (مِنْ سَكْرَانَ) وَكَذَا مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمَعْصِيَةٍ كَمَنْ شَرِبَ مَا يُزِيلُهُ عَمْدًا بِلَا حَاجَةٍ إلَيْهِ كَطَلَاقِهِ وَبَيْعِهِ (أَوْ) مِنْ (أَخْرَسَ بِإِشَارَةٍ مَعْلُومَةٍ) لِقِيَامِهَا مَقَامَ نُطْقِهِ كَكِتَابَتِهِ. وَلَا يَصِحُّ مِنْ نَاطِقٍ بِإِشَارَةٍ (أَوْ) مِنْ (صَغِيرٍ) مُمَيِّزٍ (أَوْ قِنٍّ أُذِنَ لَهُمَا فِي تِجَارَةٍ فِي قَدْرِ مَا أَذِنَ لَهُمَا فِيهِ) مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute