للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَذَابٍ أَثِمَ وَضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا. ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ، (فَإِنْ طَلَبَ يَمِينِهِ) أَيْ الْمُسْتَوْدَعَ أَنْ لَا وَدِيعَةَ لِفُلَانٍ عِنْدَهُ (وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا) مِنْ الْحَلِفِ لِتَغَلُّبِ الطَّالِبِ عَلَيْهِ بِسَلْطَنَةٍ أَوْ تَلَصُّصٍ وَلَا يُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ مِنْهُ إلَّا بِالْحَلِفِ، (حَلَفَ مُتَأَوِّلًا) وَلَمْ يَحْنَثْ لِتَأَوُّلِهِ، (فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حَتَّى أُخِذَتْ) مِنْهُ (ضَمِنَهَا) لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْحَلِفِ، كَمَا لَوْ سَلَّمَهَا إلَى غَيْرِ رَبِّهَا ظَانًّا أَنَّهُ هُوَ فَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ، (وَيَأْثَمُ إنْ) حَلَفَ وَ (لَمْ يَتَأَوَّلْ) لِكَذِبِهِ (وَهُوَ) أَيْ: إثْمُ حَلِفِهِ بِدُونِ تَأْوِيلٍ (دُونَ إثْمِ إقْرَارِهِ بِهَا) لِأَنَّ حِفْظَ مَالِ الْغَيْرِ عَنْ الضَّيَاعِ آكَدُ مِنْ بِرِّ الْيَمِينِ، (وَيُكَفِّرُ) كَفَّارَةَ يَمِينٍ وُجُوبًا إنْ حَنِثَ وَلَمْ يَتَأَوَّلْ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ. فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا تَنْعَقِدُ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ وَتَقَدَّمَ فِي الْمُضَارَبَةِ: لَوْ مَاتَ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَجُهِلَتْ فِي مَالِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ بَقَاؤُهَا، فَإِنَّ رَبَّهَا يَكُونُ غَرِيمًا بِهَا.

[بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْمَوَاتُ: كَغُرَابِ الْمَوْتِ. وَكَسَحَابٍ: مَا لَا رُوحَ فِيهِ، وَأَرْضٌ لَا مَالِكَ لَهَا، وَالْمَوَتَانُ بِالتَّحْرِيكِ خِلَافُ الْحَيَوَانِ، أَوْ أَرْضٌ لَمْ تُحْي بَعْدُ، وَبِالضَّمِّ مَوْتٌ يَقَعُ بِالْمَاشِيَةِ، وَيُفْتَحُ.

وَفِي الْمُغْنِي: الْمَوَاتُ هُوَ الْأَرْضُ الْخَرَابُ الدَّارِسَةُ وَتُسَمَّى مَيِّتَةً وَمَوَاتًا وَمَوْتَى بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ. وَالْمَوْتَانُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ: الْمَوْتُ الذَّرِيعُ، وَرَجَلٌ مَوْتَانِ الْقَلْبِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ يَعْنِي عَمِيُّ الْقَلْبِ لَا يَفْهَمُ. (وَ) الْمَوَاتُ اصْطِلَاحًا: (هِيَ الْأَرْضُ الْمُنْفَكَّةُ عَنْ الِاخْتِصَاصَاتِ وَمِلْكِ مَعْصُومٍ) وَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ. وَالْأَصْلُ فِي إحْيَائِهِ: حَدِيثُ جَابِرٍ مَرْفُوعًا " «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» " قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» " حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَرَوَى مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ وَأَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مُتَلَقَّى بِالْقَبُولِ عَنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَعَامَّةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْمَوَاتَ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي شُرُوطِهِ (فَيُمْلَكُ بِإِحْيَاءِ كُلِّ مَا) أَيْ مَوَاتٍ (لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ أَثَرُ عِمَارَةٍ) قَالَ فِي الْمُغْنِي: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِالْإِحْيَاءِ انْتَهَى لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ.

(وَإِنْ مَلَكَهُ) أَيْ: الْخِرَابَ (مَنْ لَهُ حُرْمَةٌ) مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ (أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>