فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أَعْتَقِدُهُ فَإِنْ عَاقِلًا لَا يُجَوِّزُهُ فَضْلًا عَنْ اعْتِقَادِهِ، فَإِنْ لَمْ تَقُلْ: كَذَبْتَ، فَقَالَ الْقَاضِي تَطْلُقُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ لَمْ تَطْلُقْ إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً.
وَفِي الْإِنْصَافِ وَالْأَوْلَى أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إذَا كَانَتْ تَعْقِلُهُ أَوْ كَانَتْ كَاذِبَةً وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَإِنْ قَالَ: إنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ أَوْ تُبْغِضِينَ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ طَلُقَتْ وَإِنْ كَذَبَتْ.
(وَلَوْ قَالَ) لِامْرَأَتِهِ (إنْ كَانَ أَبُوك يَرْضَى بِمَا فَعَلْتِيهِ) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ: مَا رَضِيت ثُمَّ قَالَ (رَضِيت طَلُقَتْ) لِتَعْلِيقِهِ عَلَى رِضًا مُسْتَقْبَلٍ وَقَدْ وُجِدَ و (لَا) تَطْلُقُ (إنْ قَالَ) لَهَا (إنْ كَانَ أَبُوك رَاضِيًا بِهِ) أَيْ بِمَا فَعَلْتِيهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ: مَا رَضِيتُ، ثُمَّ قَالَ: رَضِيت ; لِأَنَّهُ مَاضٍ (وَتَعْلِيقُ عِتْقٍ) فِيمَا تَقَدَّمَ (كَطَلَاقٍ) ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ (وَيَصِحُّ) تَعْلِيقُ عِتْقٍ (بِالْمَوْتِ) وَهُوَ التَّدْبِيرُ لِلْخَبَرِ بِخِلَافِ تَعْلِيقِ طَلَاقٍ بِمَوْتٍ وَتَقَدَّمَ.
[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ]
(إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا رَأَيْتِ الْهِلَالَ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (عِنْدَ رَأْسِهِ) أَيْ الْهِلَالِ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (إذَا رُئِيَ) الْهِلَالُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا (وَقَدْ غَرُبَتْ الشَّمْسُ) لَا قَبْلَهُ (أَوْ تَمَّتْ) الْعِدَّةُ بِتَمَامِ الشَّهْرِ قَبْلَهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ; لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْهِلَالِ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ الْعِلْمُ بِأَوَّلِ الشَّهْرِ لِحَدِيثِ «إذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا» .
وَالْمُرَادُ رُؤْيَةُ الْبَعْضِ وَحُصُولُ الْعِلْمِ فَانْصَرَفَ لَفْظُ الْحَالِفِ إلَى عُرْفِ الشَّرْعِ كَقَوْلِهِ إذَا صَلَّيْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا الدُّعَاءِ بِخِلَافِ رُؤْيَةِ نَحْوِ زَيْدٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا عُرْفٌ يُخَالِفُ اللُّغَةَ وَلَا تَطْلُقُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ قَبْلَ الْغُرُوبِ (وَإِنْ نَوَى الْعِيَانَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَصْدَرُ عَايَنَ أَيْ نَوَى مُعَايَنَةَ الْهِلَالِ) أَيْ إدْرَاكَهُ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ خَاصَّةً مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا (أَوْ) نَوَى (حَقِيقَةَ رُؤْيَتِهَا قُبِلَ) مِنْهُ (حُكْمًا) ; لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَرَاهُ فِي الثَّانِيَة أَوْ يُرَى فِي الْأُولَى (وَهُوَ هِلَالٌ) أَيْ يُسَمَّى بِذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ (إلَى) لَيْلَةٍ (ثَالِثَةٍ) مِنْ الشَّهْرِ (ثُمَّ يُقْمِرُ) بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَيْ يُسَمَّى قَمَرًا فَلَوْ نَوَى حَقِيقَةَ رُؤْيَتِهَا لَهُ فَلَمْ تَرَهُ حَتَّى أَقْمَرَ لَمْ يَحْنَثْ.
(وَ) إنْ قَالَ لَهَا (إنْ رَأَيْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْهُ) مُطَاوَعَةً (لَا مُكْرَهَةً وَلَوْ) كَانَ زَيْدٌ (مَيِّتًا أَوْ فِي مَاءٍ أَوْ زُجَاجٍ) وَنَحْوِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute