(فَزَادَ) لَبَنُهَا (بِوَطْئِهِ أَوْ حَمَلَتْ) مِنْهُ (وَلَمْ يَزِدْ) لَبَنُهَا (أَوْ زَادَ) لَبَنُهَا (قَبْلَ أَوَانِهِ فَ) اللَّبَنُ (لِلْأَوَّلِ) لِاسْتِمْرَارِهِ عَلَى حَالِهِ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ مَا يَنْقُلُهُ عَنْهُ كَصَاحِبِ الْيَدِ.
(وَ) إنْ زَادَ لَبَنُهَا (فِي أَوَانِهِ) بَعْدَ حَمْلِهَا مِنْ الثَّانِي فَلَهُمَا ; لِأَنَّ زِيَادَتَهُ عِنْدَ حُدُوثِ الْحَمْلَ ظَاهِرُهَا أَنَّهَا مِنْ الثَّانِي وَبَقَاءُ الْأَوَّلِ يَقْتَضِي كَوْنَ أَصْلِهِ مِنْهُ فَوَجَبَ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِمَا (وَلَوْ انْقَطَعَ ثُمَّ ثَابَ) قَبْلَ الْوَضْعِ فَلَهُمَا ; لِأَنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّلِ فَعَوْدُهُ قَبْلَ الْوَضْعِ يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ اللَّبَنُ الَّذِي اُرْتُضِعَ لَكِنَّهُ ثَابَ لِلْحَمْلِ فَوَجَبَ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِمَا (أَوْ وَلَدَتْ) مِنْ الثَّانِي (فَلَمْ يَزِدْ) لَبَنُهَا (وَلَمْ يَنْقُصْ فَ) اللَّبَنُ (لَهُمَا) ; لِأَنَّ اسْتِمْرَارَهُ عَلَى حَالِهِ أَوْجَبَ بَقَاءَهُ عَلَى كَوْنِهِ لِلْأَوَّلِ، وَحَاجَةُ الْوَلَدِ الثَّانِي إلَيْهِ أَوْجَبَتْ اشْتِرَاكَهُمَا فِيهِ (فَيَصِيرُ مُرْتَضِعُهُ ابْنًا لَهُمَا) ; لِأَنَّ اللَّبَنَ لَهُمَا (وَإِنْ زَادَ) لَبَنُهَا (بَعْدَ وَضْعٍ فَ) هُوَ (لِلثَّانِي وَحْدَهُ) لِدَلَالَةِ زِيَادَتِهِ إذًا عَلَى أَنَّهُ لِحَاجَةِ الْمَوْلُودِ فَامْتَنَعَتْ الشَّرِكَةُ فِيهِ.
[فَصْلٌ لِلْحُرْمَةِ بِالرَّضَاعِ شَرْطَانِ]
وَلِلْحُرْمَةِ بِالرَّضَاعِ شَرْطَانِ: (أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْتَضِعَ) الطِّفْلُ (فِي الْعَامَيْنِ، فَلَوْ ارْتَضَعَ بَعْدَهُمَا بِلَحْظَةٍ لَمْ تَثْبُتْ) الْحُرْمَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣] فَجَعَلَ تَمَامَ الرَّضَاعَةِ حَوْلَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِلرَّضَاعَةِ بَعْدَهُمَا وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا " «فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ: يَعْنِي فِي حَالِ الْحَاجَةِ إلَى الْغِذَاءِ وَاللَّبَنِ وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا " «لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ» " وَكَانَ قِبَلَ الْفِطَامِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ. الشَّرْطُ (الثَّانِي أَنْ يَرْتَضِعَ) الطِّفْلُ (خَمْسَ رَضَعَاتٍ) فَأَكْثَرَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: " «أُنْزِلَ فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَنُسِخَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ وَصَارَ إلَى خَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْآيَةُ فَسَّرَتْهَا السُّنَّةُ وَبَيَّنَتْ الرَّضَاعَةَ الْمُحَرِّمَةَ. وَهَذَا الْخَبَرُ يُخَصِّصُ عُمُومَ حَدِيثِ " «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» ".
(وَمَتَى امْتَصَّ) طِفْلٌ ثَدْيًا (ثُمَّ قَطَعَهُ) أَيْ الْمَصَّ (وَلَوْ) كَانَ قَطْعُهُ لَهُ (قَهْرًا أَوْ) كَانَ قَطْعُهُ لَهُ (لِتَنَفُّسٍ أَوْ) كَانَ قَطْعُهُ لِ (مُلْهٍ) أَيْ مَا يُلْهِيهِ عَنْ الْمَصِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute