للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ وَإِحْيَاءُ أَرْضٍ مَوَاتٍ يَجُوزُ بِحَائِطٍ مَنِيعٍ]

سَوَاءٌ أَرَادَهَا لِبِنَاءٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ حَظِيرَةٍ لِغَنَمٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا نَصًّا. لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «مَنْ أَحَاطَ حَائِطًا عَلَى أَرْضٍ فَهِيَ لَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَلَهُمَا عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ ; وَلِأَنَّ الْحَائِطَ حَاجِزٌ مَنِيعٌ وَلَا اعْتِبَارَ لِلْقَصْدِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَرَادَهَا حَظِيرَةً فَبَنَاهَا بِجِصٍّ وَآجُرٍّ وَقَسَّمَهَا بُيُوتًا، فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا وَقَوْلُهُ: " مَنِيعًا " أَيْ: يَمْنَعُ مَنْ وَرَاءَهُ وَلَا يُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِكَ تَسْقِيفٌ وَلَا تَرْكِيبُ بَابٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْخَبَرِ (أَوْ) أَيْ: وَيَحْصُلُ إحْيَاؤُهَا (بِإِجْرَاءِ مَاءٍ) بِأَنْ يَسُوقَهُ إلَيْهَا مِنْ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ (لَا تُزْرَعُ إلَّا بِهِ) أَيْ: بِالْمَاءِ الْمَسُوقِ إلَيْهَا (أَوْ مَنْعِ مَاءٍ لَا تُزْرَعُ مَعَهُ) كَأَرْضِ الْبَطَائِحِ الَّتِي يُفْسِدُهَا غَرَقُهَا بِالْمَاءِ لِكَثْرَتِهِ، فَإِحْيَاؤُهَا بِسَدِّهِ عَنْهَا وَجَعْلِهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُ زَرْعُهَا ; لِأَنَّ بِذَلِكَ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِيمَا أَرَادَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى تَكْرَارِ ذَلِكَ فِي كُلِّ عَامٍ (أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ) أَوْ نَهْرٍ نَصًّا. وَيَصِلُ إلَى مَاءِ الْبِئْرِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ: وَإِنْ خَرَجَ الْمَاءُ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَى طَيٍّ، فَتَمَامُ الْإِحْيَاءِ طَيُّهَا (أَوْ غَرْسُ شَجَرٍ فِيهَا) أَيْ: الْمَوَاتِ بِأَنْ كَانَتْ لَا تَصْلُحُ لِغَرْسٍ لِكَثْرَةِ أَحْجَارِهَا وَنَحْوِهَا فَيُنَقِّيهَا وَيَغْرِسُهَا ; لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْبَقَاءِ كَبِنَاءِ الْحَائِطِ. وَلَا يَحْصُلُ إحْيَاءٌ بِحَرْثٍ وَزَرْعٍ.

(وَبِحَفْرِ بِئْرٍ) بِمَوَاتٍ وَاسْتِخْرَاجِ مَائِهَا (يَمْلِكُ) حَافِرٌ (حَرِيمَهَا وَهُوَ) أَيْ: حَرِيمِ الْبِئْرِ (مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فِي قَدِيمَةٍ) وَتُسَمَّى الْعَادِيَّةَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ نِسْبَةً لِعَادٍ، وَلَمْ يُرِدْ عَادًا بِعَيْنِهَا، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ عَادٌ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ وَكَانَتْ لَهَا آثَارٌ فِي الْأَرْضِ نُسِبَ إلَيْهَا كُلُّ قَدِيمٍ (خَمْسُونَ ذِرَاعًا وَ) الْحَرِيمُ (فِي) بِئْرٍ (غَيْرِهَا) أَيْ الْقَدِيمَةِ (خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا) نَصًّا. لِحَدِيثِ أَبِي عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ " السُّنَّةُ فِي حَرِيمِ الْقَلِيبِ الْعَادِيِّ خَمْسُونَ ذِرَاعًا وَالْبَدِيءُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ "، وَرَوَى الْخَلَّالُ وَالدَّارَقُطْنِيّ نَحْوَهُ مَرْفُوعًا. وَالْبِئْرُ الَّتِي لَهَا مَاءٌ يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ لَيْسَ لِأَحَدٍ احْتِجَازُهُ كَالْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ

. (وَحَرِيمُ عَيْنٍ وَقَنَاةٍ) حُفِرَتَا بِمَوَاتٍ (خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ و) حَرِيمُ (نَهْرٍ) بِمَوَاتٍ (مِنْ جَانِبَيْهِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِطَرْحِ كِرَايَتِهِ) أَيْ: مَا يُلْقَى مِنْهُ لِيُسْرِعَ جَرْيُهُ (وَطَرِيقِ شَاوِيهِ) أَيْ قَيِّمُهُ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَالْكِرَايَةُ وَالشَّاوِي لَمْ أَجِدْ لَهُمَا أَصْلًا فِي اللُّغَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَلَعَلَّهُمَا مُوَلَّدَتَانِ مِنْ قِبَلِ أَهْلِ الشَّامِ (وَنَحْوِهِمَا) أَيْ: نَحْوِ مَطْرَحِ كِرَايَتِهِ وَطَرِيقِ شَاوِيهِ مِنْ مَرَافِقِهِ وَمَا يَسْتَضِرُّ صَاحِبُهُ بِتَمَلُّكِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَثُرَ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ كَانَ بِجَنْبِهِ مُثَنَّاةٌ لِغَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>