[بَابُ حَدِّ الزِّنَا]
بِالْقَصْرِ فِي لُغَةِ الْحِجَازِ وَالْمَدِّ عِنْدَ تَمِيمٍ (وَهُوَ فِعْلُ الْفَاحِشَةِ فِي قُبُلٍ أَوْ) فِي (دُبُرٍ) وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: ٣٢] وَحَدِيثِ «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ» وَكَانَ حَدُّ الزِّنَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ الْحَبْسَ لِلنِّسَاءِ وَالْأَذَى بِالْكَلَامِ لِلرِّجَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ} [النساء: ١٥] الْآيَتَيْنِ. ثُمَّ نُسِخَ بِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مَرْفُوعًا «خُذُوا عَنِّي. قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَأَجَازَ أَصْحَابُنَا نَسْخَ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ وَمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ قَالَ لَيْسَ هَذَا نَسْخًا وَإِنَّمَا هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْقُرْآنِ وَتَبْيِينٌ لَهُ لِأَنَّ مَا كَانَ مَشْرُوطًا بِشَرْطٍ وَزَالَ الشَّرْطُ لَا يَكُونُ نَسْخًا، وَهَاهُنَا شَرَطَ اللَّهُ لِحَبْسِهِنَّ إلَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُنَّ سَبِيلًا فَبَيَّنَتْ السُّنَّةُ السَّبِيلَ
(إذَا زَنَى) مُكَلَّفٌ (مُحْصَنٌ وَجَبَ رَجْمُهُ) بِحِجَارَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ كَالْكَفِّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُثْخَنَ بِصَخْرَةٍ كَبِيرَةٍ وَلَا أَنْ يَطُولَ عَلَيْهِ بِحَصَاةٍ خَفِيفَةٍ وَيَتَّقِي الْوَجْهَ (حَتَّى يَمُوتَ) لِحَدِيثِ عُمَرَ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ فَقَرَأْتهَا وَعَقَلْتهَا وَوَعَيْتهَا. رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ فَأَخْشَى إنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ يَقُولُ قَاتِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَضِلَّ بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَالرَّجْمُ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إذَا أُحْصِنَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إذَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الِاعْتِرَافُ وَقَدْ قَرَأْتُهَا: الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ نَكَالًا مِنْ اللَّهِ وَاَللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَلَا يُجْلَدُ) مُحْصَنٌ (قَبْلَهُ) أَيْ الرَّجْمِ.
قَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ: إنَّهُ أَوَّلُ حَدٍّ نَزَلَ وَأَنَّ حَدِيثَ مَاعِزٍ بَعْدَهُ رَجَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجْلِدْهُ وَعُمَرُ رَجَمَ وَلَمْ يَجْلِدْ (وَلَا يُنْفَى) الْمُحْصَنُ إذَا زَنَا بَلْ يُرْجَمُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَالْمُحْصَنُ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ) لَا سُرِّيَّتَهُ (بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ) لَا بَاطِلٍ وَلَا فَاسِدٍ (وَلَوْ كِتَابِيَّةً فِي قُبُلِهَا وَلَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ إحْرَامٍ وَنَحْوِهِ) وَكَفِي نِفَاسٌ أَوْ مَسْجِدٌ أَوْ مَعَ ضِيقِ وَقْتِ فَرِيضَةٍ (وَهُمَا) أَيْ: الزَّوْجَانِ (مُكَلَّفَانِ حُرَّانِ وَلَوْ مُسْتَأْمَنَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ) فَلَا إحْصَانَ مَعَ صِغَرِ أَحَدِهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute