بِمَا يَدُلُّ عَلَى رِضًا) مِنْهَا (مِنْ قَوْلٍ أَوْ تَمْكِينٍ) كَأَنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا (مَعَ الْعِلْمِ) بِفِعْلِهِ مَا اشْتَرَطَتْ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَإِنْ مَكَّنَتْهُ قَبْلَ الْعِلْمِ لَمْ يَسْقُطْ فَسْخُهَا ; لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا بِتَرْكِ الْوَفَاءِ فَلَا أَثَرَ لَهُ كَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ (لَكِنْ لَوْ شَرَطَ) لَهَا (أَنْ لَا يُسَافِرَ بِهَا فَخَدَعَهَا وَسَافَرَ بِهَا ثُمَّ كَرِهَتْهُ وَلَمْ تُسْقِطْ حَقَّهَا مِنْ الشَّرْطِ لَمْ يُكْرِهْهَا بَعْدَ) ذَلِكَ عَلَى السَّفَرِ لِبَقَاءِ حُكْمِ الشَّرْطِ فَإِنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الشَّرْطِ سَقَطَ مُطْلَقًا قَالَ فِي الْإِنْصَافِ أَنَّهُ الصَّوَابُ.
(وَمَنْ شَرَطَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ مَنْزِلِ أَبَوَيْهَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ أَبَوَيْهَا (بَطَلَ الشَّرْطُ) لِأَنَّ الْمَنْزِلَ صَارَ لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ بَعْدَ أَنْ كَانَ لَهُمَا فَاسْتَحَالَ إخْرَاجُهَا مِنْ مَنْزِلِ أَبَوَيْهَا فَبَطَلَ الشَّرْطُ وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَ سُكْنَى الْمَنْزِلِ لِنَحْوِ خَرَابٍ فَلَهُ أَنْ يَسْكُنَ بِهَا حَيْثُ أَرَادَ سَوَاءٌ رَضِيَتْ أَوْ لَا ; لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالشَّرْطُ عَارِضٌ وَقَدْ زَالَ فَرَجَعْنَا إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ مَحْضُ حَقِّهِ (وَمَنْ شَرَطَتْ) عَلَى زَوْجِهَا (سُكْنَاهَا مَعَ أَبِيهِ ثُمَّ أَرَادَتْهَا) أَيْ السُّكْنَى (مُنْفَرِدَةً فَلَهَا ذَلِكَ) أَيْ طَلَبُهُ بِإِسْكَانِهَا مُنْفَرِدَةً ; لِأَنَّهُ لِحَقِّهَا لِمَصْلَحَتِهَا لَا لِحَقِّهَا لِمَصْلَحَتِهِ فَلَا يَلْزَمُ فِي حَقِّهَا، وَلِهَذَا لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مَنْ شَرَطَتْ دَارَهَا فِيهَا أَوْ فِي دَارِهِ لَزِمَهُ تَسَلُّمُهُ.
[فَصْلٌ الشُّرُوط الْفَاسِدَة فِي النِّكَاحِ]
فَصْلٌ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ (فَاسِدٌ وَهُوَ نَوْعَانِ نَوْعٌ) مِنْهُمَا (يُبْطِلُ النِّكَاحَ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ) أَيْ الْمُبْطِلُ لِلنِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ (ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ) أَحَدُهَا (نِكَاحُ الشِّغَارِ) بِكَسْرِ الشِّينِ (وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَهُ) أَيْ يُزَوِّجَ رَجُلٌ رَجُلًا (وَلِيَّتَهُ) أَيْ بِنْتَه أَوْ أُخْتَهُ وَنَحْوَهُمَا (عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ وَلِيَّتَهُ وَلَا مَهْرَ بَيْنَهُمَا) يُقَالُ: شَغَرَ الْكَلْبُ إذَا رَفَعَ رِجْلَهُ لِيَبُولَ فَسُمِّيَ هَذَا النِّكَاحُ شِغَارًا تَشْبِيهًا فِي الْقُبْحِ بِرَفْعِ الْكَلْبِ رِجْلَهُ لِلْبَوْلِ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُمَا فَرَّقَا فِيهِ بَيْنَ الْمُتَنَاكِحَيْنِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الشِّغَارِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ مِثْلُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلِأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَقْدَيْنِ مُسْلِفًا فِي الْآخَرِ فَلَمْ يَصِحَّ كَقَوْلِهِ بِعْنِي ثَوْبَكَ عَلَى أَنْ أَبِيعَكَ ثَوْبِي وَلَيْسَ فَسَادُهُ مِنْ قِبَلِ التَّسْمِيَةِ بَلْ ; لِأَنَّهُ وَقَفَهُ عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ، وَلِأَنَّهُ شَرْطُ تَمْلِيكِ الْبُضْعِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ جَعَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute