تَزْوِيجَهُ إيَّاهَا مَهْرًا لِلْأُخْرَى فَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ إيَّاهَا بِشَرْطِ انْتِزَاعِهَا مِنْهُ وَسَوَاءٌ قَالَ عَلَى أَنَّ صَدَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بُضْعُ الْأُخْرَى أَوْ لَمْ يَقُلْهُ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «نُهِيَ عَنْ الشِّغَارِ، وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَهَذَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى غَيْرِهِ (أَوْ يَجْعَلَ بُضْعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (مَعَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ مَهْرًا لِلْأُخْرَى) فَلَا يَصِحُّ لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ سَمَّوْا مَهْرًا مُسْتَقِلًّا غَيْرَ قَلِيلٍ وَلَا حِيلَةَ صَحَّ) النِّكَاحُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَمَّى مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا حِيلَةً لَمْ يَصِحَّ وَكَلَامُ الْحَجَّاوِيُّ هُنَا فِي الْحَاشِيَةِ (وَإِنْ سَمَّى) مَهْرًا (لِإِحْدَاهُمَا) دُونَ الْأُخْرَى (صَحَّ نِكَاحُهَا) أَيْ مَنْ سَمَّى الْمَهْرَ لَهَا (فَقَطْ) لِأَنَّ فِيهِ تَسْمِيَةً وَشَرْطًا أَشْبَهَ مَا لَوْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرًا، وَإِنْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ جَارِيَتِي هَذِهِ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَكَ وَتَكُونَ رَقَبَتُهَا صَدَاقًا لِابْنَتِكَ لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُ الْجَارِيَةِ فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا صَدَاقًا سِوَى تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ، وَإِذَا زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ رَقَبَةَ الْجَارِيَةِ صَدَاقًا لَهَا صَحَّ ; لِأَنَّ الْجَارِيَةَ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ صَدَاقًا.
وَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ امْرَأَةً وَجَعَلَ رَقَبَتَهُ صَدَاقًا لَهَا لَمْ يَصِحَّ الصَّدَاقُ ; لِأَنَّ مِلْكَ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ فَيَفْسُدُ الصَّدَاقُ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. قَالَهُ فِي الشَّرْحِ
(الثَّانِي) مِنْ الثَّلَاثَةِ أَشْيَاءَ (نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا) أَيْ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا (عَلَى أَنَّهُ إذَا أَحَلَّهَا) لِمُطَلِّقِهَا أَيْ وَطِئَهَا (طَلَّقَهَا أَوْ) يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهُ إذَا أَحَلَّهَا (فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ حَرَامٌ بَاطِلٌ.
لِحَدِيثِ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُهُ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ،.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ «الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ مَلْعُونَانِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَلِابْنِ مَاجَهْ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ. قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: هُوَ الْمُحَلِّلُ لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» (أَوْ يَنْوِيَهُ) أَيْ يَنْوِيَ الزَّوْجُ التَّحْلِيلَ (وَلَمْ يَذْكُرْ) الشَّرْطَ فِي الْعَقْدِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ أَيْضًا لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ مَا سَبَقَ.
وَرَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: تَزَوَّجْتُهَا أُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا لَمْ يَأْمُرْنِي وَلَمْ يَعْلَمْ قَالَ: لَا، إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ إنْ أَعْجَبَتْكَ أَمْسَكْتَهَا وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute