[كِتَابُ الْوَصِيَّةِ]
كِتَابُ الْوَصِيَّةِ مِنْ وَصَيْتُ الشَّيْءَ أَصِيهِ إذَا وَصَلْتُهُ. لِأَنَّ الْمَيِّتَ وَصَلَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ حَيَاتِهِ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ أَمْرِ مَمَاتِهِ. وَوَصَّى وَأَوْصَى بِمَعْنَى وَاحِدٍ. وَالِاسْمُ الْوَصِيَّةُ وَالْوِصَايَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا وَهِيَ لُغَةً: الْأَمْرُ. قَالَ تَعَالَى: {وَوَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} [البقرة: ١٣٢] وَقَالَ {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ} [الأنعام: ١٥١] وَشَرْعًا (الْأَمْرُ بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ الْمَوْتِ) كَوَصِيَّتِهِ إلَى مَنْ يُغَسِّلُهُ أَوْ يُصَلِّي عَلَيْهِ إمَامًا، أَوْ يَتَكَلَّمُ عَلَى صِغَارِ أَوْلَادِهِ أَوْ يُزَوِّجَ بَنَاتِهِ وَنَحْوِهِ. وَقَدْ وَصَّى أَبُو بَكْرٍ بِالْخِلَافَةِ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا. وَوَصَّى بِهَا عُمَرُ لِأَهْلِ الشُّورَى. وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: " أَوْصَى إلَى الزُّبَيْرِ سَبْعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَانَ يَحْفَظُ عَلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَيُنْفِقُ عَلَى أَيْتَامِهِمْ مِنْ مَالِهِ " وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْمَوْتِ: مُخْرِجٌ لِلْوَكَالَةِ.
(وَ) الْوَصِيَّةُ (بِمَالٍ التَّبَرُّعُ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ) بِخِلَافِ الْهِبَةِ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ} [البقرة: ١٨٠] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي بِهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ
(وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (الْقُرْبَةُ) لِصِحَّتِهَا لِمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيّ بِدَارِ حَرْبٍ كَالْهِبَةِ.
وَفِي التَّرْغِيبِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِعِمَارَةِ قُبُورِ الْمَشَايِخ وَالْعُلَمَاءِ
وَفِي التَّبْصِرَةِ إنْ أَوْصَى لِمَا لَا مَعْرُوفَ فِيهِ وَلَا بِرَّ، كَكَنِيسَةٍ أَوْ كُتُبِ التَّوْرَاةِ لَمْ تَصِحَّ (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (مُطْلَقَةً) كَوَصَّيْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا.
(وَ) تَصِحُّ (مُقَيَّدَةً) كَإِنْ مِتَّ فِي مَرَضِي أَوَعَامِي هَذَا فَلِزَيْدٍ كَذَا. لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ يَمْلِكُ تَنْجِيزَهُ فَمَلَكَ تَعْلِيقَهُ كَالْعِتْقِ
وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: مُوصٍ وَوَصِيَّةٌ وَمُوصًى بِهِ وَمُوصًى لَهُ. وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (مِنْ مُكَلَّفٍ لَمْ يُعَايِنْ الْمَوْتَ) فَإِنْ عَايَنَهُ لَمْ تَصِحَّ. لِأَنَّهُ لَا قَوْلَ لَهُ وَالْوَصِيَّةُ قَوْلٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَنَا خِلَافٌ هَلْ تُقْبَلُ التَّوْبَةُ مَا لَمْ يُعَايِنْ مَلَكَ الْمَوْتِ، أَوْمَا دَامَ مُكَلَّفًا أَوْ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ؟ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ مُتَقَارِبَةٌ. وَالصَّوَابُ تُقْبَلُ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا. .
وَفِي مُسْلِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute