وَغَيْرِهِ " «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: أَنْ تَتَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمَلُ الْغِنَى. وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا. وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ» " قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إمَّا مِنْ عِنْدَهُ أَوْ حِكَايَةٍ عَنْ الْخَطَّابِيِّ: وَالْمُرَادُ قَارَبَتْ بُلُوغَ الْحُلْقُومِ، إذْ لَوْ بَلَغَتْهُ حَقِيقَةً لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ وَلَا شَيْءَ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ (وَلَوْ) كَانَ مُوصٍ (كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا) أَوْ امْرَأَةً أَوْ قِنًّا فِيمَا عَدَا الْمَالَ. وَفِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَقْ. فَلَا وَصِيَّةَ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ، وَكَذَا مُكَاتَبٌ وَنَحْوُهُ (أَوْ أَخْرَسَ) بِإِشَارَةٍ لِصِحَّةِ هِبَتِهِمْ فَوَصِيَّتُهُمْ أَوْلَى. وَ (لَا) تَصِحُّ إنْ كَانَ مُوصٍ (مُعْتَقَلًا لِسَانُهُ بِإِشَارَةٍ) وَلَوْ مَفْهُومَةً نَصًّا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْيُوسٍ مِنْ نُطْقِهِ. أَشْبَهَ النَّاطِقَ (أَوْ) كَانَ (سَفِيهًا) وَوَصَّى (بِمَالٍ) فَتَصِحُّ لِتَمَحُّضِهَا نَفْعًا لَهُ بِلَا ضَرَرٍ كَعِبَادَاتِهِ. وَلِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِحِفْظِ مَالِهِ وَلَا إضَاعَةَ فِيهَا لَهُ. لِأَنَّهُ إنْ عَاشَ فَمَالُهُ لَهُ. وَإِنْ مَاتَ فَلَهُ ثَوَابُهُ، وَهُوَ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ. وَ (لَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ سَفِيهٍ (عَلَى وَلَدِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ فَوَصِيُّهُ أَوْلَى (وَلَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ مُوصٍ إنْ كَانَ (سَكْرَانَ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ عَاقِلٍ أَشْبَهَ الْمَجْنُونَ. وَطَلَاقُهُ إنَّمَا وَقَعَ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ (أَوْ) كَانَ (مُبَرْسَمًا) فَلَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ. لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِكَلَامِهِ. أَشْبَهَ الْمَجْنُونَ. وَكَذَا الْمُغْمَى عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانَا وَوَصَّى فِي إفَاقَتِهِ صَحَّتْ.
(وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (مِنْ مُمَيِّزٍ) يَعْقِلُهَا لِتَمَحُّضِهَا نَفْعًا لَهُ كَإِسْلَامِهِ وَصَلَاتِهِ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا بَعْدَ غِنَاهُ مِنْ مَالهِ، فَلَا ضَرَرَ يَلْحَقُهُ فِي عَاجِلِ دُنْيَاهُ وَلَا أُخْرَاهُ بِخِلَافِ الْهِبَةِ. وَ (لَا) تَصِحُّ مِنْ (طِفْلٍ) لِأَنَّهُ لَا يَعْقِلُ الْوَصِيَّةَ، وَلَا حُكْمَ لِكَلَامِهِ وَأَشَارَ إلَى الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ (بِلَفْظٍ) مَسْمُوعٍ مِنْ الْمُوصِي بِلَا خِلَافٍ (وَبِخَطٍّ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ (ثَابِتٍ) أَنَّهُ خَطُّ مُوصٍ (بِإِقْرَارِ وَرَثَةٍ أَوْ) إقَامَةِ (بَيِّنَةٍ) أَنَّهُ خَطُّهُ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ: ثُبُوتُ الْخَطِّ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْحَاكِمِ لِفِعْلِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَمَلٌ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْعَمَلِ طَرِيقُهَا الرُّؤْيَةُ نَقَلَهُ الْحَارِثِيُّ. وَالْمُقَدَّمُ الْأَوَّلُ. وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ يُتَسَامَحُ فِيهَا. وَلِهَذَا صَحَّ تَعْلِيقُهَا. وَ (لَا) تَصِحُّ (إنْ خَتَمَهَا) مُوصٍ (وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا) مَخْتُومَةً وَلَمْ يُعْلِمْ الشَّاهِدَ مَا فِيهَا (وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهَا) أَيْ الْوَصِيَّةَ (بِخَطِّهِ) أَيْ الْمُوصِي. لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ بِمَا فِيهَا بِمُجَرَّدِ هَذَا الْقَوْلِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَا فِيهَا، كَكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute