فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهَا خَطُّهُ عُمِلَ بِهَا لِمَا تَقَدَّمَ. وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِوَصِيَّةٍ ثَبَتَتْ بِشَهَادَةٍ أَوْ إقْرَارِ وَرَثَةٍ وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا مَا لَمْ يُعْلَمْ رُجُوعُهُ عَنْهَا. لِأَنَّ حُكْمَهَا لَا يَزُولُ بِتَطَاوُلِ الزَّمَانِ وَمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ وَالشَّكِّ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ. وَالْأَوْلَى كِتَابَتُهَا وَالْإِشْهَادُ عَلَى مَا فِيهَا لِأَنَّهُ أَحْفَظُ لَهَا. وَعَنْ أَنَسٍ " كَانُوا يَكْتُبُونَ فِي صُدُورِ وَصَايَاهُمْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ فُلَانٌ أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهُ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَوْصَى مَنْ تَرَكَ مِنْ أَهْلِهِ أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَيُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، وَأَوْصَاهُمْ بِمَا أَوْصَى بِهِ إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ: يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ. فَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " رَوَاهُ سَعِيدٌ
(وَتُسَنُّ) الْوَصِيَّةُ. (لِمَنْ تَرَكَ خَيْرًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠] فَنُسِخَ الْوُجُوبُ وَبَقِيَ الِاسْتِحْبَابُ. وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ جَعَلْتُ لَكَ نَصِيبًا مِنْ مَالِكَ حِينَ أَخَذْتُ بِكَظْمِكَ لِأُطَهِّركَ وَأُزَكِّيَكَ» " (وَهُوَ) أَيْ الْخَيْرُ (الْمَالُ الْكَثِيرُ عُرْفًا) فَلَا يَتَقَدَّرُ بِشَيْءٍ (بِخُمْسِهِ) أَيْ خُمْسِ مَالِهِ مُتَعَلِّقٌ بِ تُسَنُّ. رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ " رَضِيتُ بِمَا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ لِنَفْسِهِ " يَعْنِي فِي قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: ٤١]
(لِقَرِيبٍ فَقِيرٍ) غَيْرِ وَارِثٍ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: ٢٦] " وَقَوْلِهِ {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى} [البقرة: ١٧٧] وَكَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ فِي الْحَيَاةِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ قَرِيبٌ فَقِيرٌ وَتَرَكَ خَيْرًا (فَ) الْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُوصِي (لِمِسْكِينٍ وَعَالِمٍ) فَقِيرٍ (وَدَيِّنٍ) فَقِيرٍ (وَنَحْوِهِمْ) كَابْنِ سَبِيلٍ وَغَازٍ
(وَتُكْرَهُ) وَصِيَّةٌ (لِفَقِيرٍ) أَيْ مِنْهُ إنْ كَانَ (لَهُ وَرَثَةٌ) قَالَ (الْمُنَقِّحُ: إلَّا مَعَ غِنَى الْوَرَثَةِ) وَهُوَ مَعْنَى مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ.
وَفِي التَّبْصِرَةِ. رَوَاهُ ابْنُ مَنْصُورٍ
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (مِمَّنْ لَا وَارِثَ لَهُ) مُطْلَقًا (بِجَمِيعِ مَالِهِ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لِحَقِّ الْوَارِثِ وَهُوَ مَعْدُومٌ
(فَلَوْ وَرِثَهُ) أَيْ الْمُوصِي (زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ وَرَدَّهَا) أَيْ رَدَّ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ الْوَصِيَّةَ (بِالْكُلِّ) أَيْ بِكُلِّ الْمَالِ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ (فِي قَدْرِ فَرْضِهِ) أَيْ الرَّادِّ (مِنْ ثُلُثَيْهِ) أَيْ الْمَالِ. فَإِنْ كَانَ الرَّادُّ زَوْجًا بَطَلَتْ فِي الثُّلُثِ. لِأَنَّ لَهُ نِصْفَ الثُّلُثَيْنِ. وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَةَ بَطَلَتْ فِي السُّدُسِ لِأَنَّ لَهَا رُبْعَ الثُّلُثَيْنِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute