«إذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَى إلَيْهِ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا يَرْكَبْهَا وَلَا يَقْبَلْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِي إسْنَادِهِ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ (وَكَذَا كُلُّ غَرِيمٍ) حُكْمُهُ كَالْمُقْتَرِضِ فِيمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ اسْتَضَافَهُ) مُقْتَرِضٌ (حَسَبَ لَهُ) مُقْرِضٌ (مَا أَكَلَ) نَصًّا وَيَتَوَجَّهُ لَا. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ فِي الدَّعَوَاتِ كَغَيْرِهِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ
(وَمَنْ طُولِبَ) مِنْ مُقْتَرِضٍ وَغَيْرِهِ أَيْ طَالَبَهُ رَبُّ دَيْنِهِ (بِبَدَلِ قَرْضٍ) قُلْتُ: وَمِثْلُهُ ثَمَنٌ فِي ذِمَّةٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ) طُولِبَ بِبَدَلِ (غَصْبٍ بِبَلَدٍ آخَرَ) غَيْرِ بَلَدِ قَرْضٍ وَغَصْبٍ (لَزِمَهُ) أَيْ الْمَدِينَ وَالْغَاصِبَ أَدَاءُ الْبَدَلِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ قَضَاءِ الْحَقِّ بِلَا ضَرَرٍ (إلَّا مَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ) كَحَدِيدٍ وَقُطْنٍ وَبُرٍّ (وَقِيمَتُهُ بِبَلَدِ الْقَرْضِ) أَوْ الْغَصْبِ (أَنْقَصُ) مِنْ قِيمَتِهِ بِبَلَدِ الطَّلَبِ (فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَتُهُ بِهَا) أَيْ: بِبَلَدِ الْقَرْضِ أَوْ الْغَصْبِ ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمْهُ حَمْلُهُ إلَى بَلَدِ الطَّلَبِ فَيَصِيرُ كَالْمُتَعَذَّرِ وَإِذَا تَعَذَّرَ الْمِثْلُ تَعَيَّنَتْ الْقِيمَةُ وَاعْتُبِرَتْ بِبَلَدِ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ ; لِأَنَّهُ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِبَلَدِ الْقَرْضِ أَوْ الْغَصْبِ مُسَاوِيَةً لِبَلَدِ الطَّلَبِ أَوْ أَكْثَرَ لَزِمَهُ دَفْعُ الْمِثْلِ بِبَلَدِ الطَّلَبِ كَمَا سَبَقَ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنَّ طُولِبَ بِعَيْنِ الْغَصْبِ بِغَيْرِ بَلَدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَكَذَا لَوْ طُولِبَ بِأَمَانَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ وَنَحْوِهَا بِغَيْرِ بَلَدِهَا ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهَا إلَيْهِ.
(وَلَوْ بَذَلَهُ) أَيْ الْمِثْلَ (الْمُقْتَرِضُ أَوْ الْغَاصِبُ) بِغَيْرِ بَلَدِ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ (وَلَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ) إلَيْهِ كَأَثْمَانٍ (لَزِمَ) مُقْرِضًا وَمَغْصُوبًا مِنْهُ (قَبُولُهُ مَعَ أَمْنِ الْبَلَدِ وَالطَّرِيقِ) لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ إذَنْ، قُلْتُ: وَكَذَا ثَمَنٌ وَأُجْرَةٌ وَنَحْوُهُمَا فَإِنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ الْبَلَدُ أَوْ الطَّرِيقُ غَيْرَ آمِنٍ لَمْ يَلْزَمْ قَبُولُهُ، وَمَنْ اقْتَرَضَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ وَابْتَاعَ مِنْهُ بِهَا شَيْئًا فَخَرَجَتْ زُيُوفًا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ نَصًّا ; لِأَنَّهَا دَرَاهِمُهُ فَعَيْبُهَا عَلَيْهِ، وَلَهُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ بَدَلُ مَا أَقْرَضَهُ لَهُ بِصِفَتِهِ زُيُوفًا وَحَمَلَهُ فِي الْمُغْنِي عَلَى مَا إذَا بَاعَهُ السِّلْعَةَ بِهَا وَهُوَ يَعْلَمُ عَيْبَهَا فَأَمَّا إنْ بَاعَهُ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ قَبَضَهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ لَهُ دَرَاهِمُ لَا عَيْبَ فِيهَا وَيَرُدَّ عَلَيْهِ هَذِهِ، ثُمَّ لِمُقْتَرِضٍ رَدُّهَا عَنْ قَرْضِهِ وَيَبْقَى الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ حَسَبَهَا عَلَى مُقْرِضٍ مِنْ قَرْضِهِ وَوَفَّاهُ الثَّمَنَ جَيِّدًا جَازَ.
[بَابُ الرَّهْنِ]
ِ لُغَةً: الثُّبُوتُ وَالدَّوَامُ، وَمِنْهُ {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: ٣٨] وَشَرْعًا: (تَوْثِقَةُ دَيْنٍ) غَيْرِ سَلَمٍ وَدَيْنِ كِتَابَةٍ، وَلَوْ فِي الْمَآلِ، كَعَيْنٍ مَضْمُونَةٍ (بِعَيْنٍ) لَا دَيْنٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute