(يُمْكِنُ أَخْذُهُ) أَيْ الدَّيْنِ كُلِّهِ (وَ) أَخَذَ (بَعْضِهِ) إنْ لَمْ يَفِ بِهِ (مِنْهَا) أَيْ الْعَيْنِ، إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ وَنَحْوُهَا، مِمَّا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ (أَوْ) يُمْكِنُ أَخْذُهُ أَوْ بَعْضِهِ مِنْ (ثَمَنِهَا) إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] وَحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ حَضَرًا وَسَفَرًا ; لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَذِكْرُ السَّفَرِ فِي الْآيَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُ الْكَاتِبِ
(وَالْمَرْهُونُ عَيْنٌ مَعْلُومَةٌ) قَدْرًا، وَجِنْسًا، وَصِفَةً (جُعِلَتْ وَثِيقَةً بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ) أَيْ: الْحَقِّ (أَوْ) اسْتِيفَاءُ (بَعْضِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ ثَمَنِهَا) كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ نَحْوِ وَقْفٍ، وَحُرٍّ، وَأُمِّ وَلَدٍ وَدَيْنِ سَلَمٍ وَكِتَابَةٍ
(وَتَصِحُّ زِيَادَةُ رَهْنٍ) بِأَنْ رَهَنَهُ شَيْئًا عَلَى دَيْنٍ ثُمَّ رَهَنَهُ شَيْئًا آخَرَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ تَوْثِقَةٌ وَ (لَا) يَصِحُّ زِيَادَةُ (دَيْنِهِ) بِأَنْ اسْتَدَانَ مِنْهُ دِينَارًا وَرَهَنَهُ عَلَيْهِ كِتَابًا وَأَقْبَضَهُ لَهُ ثُمَّ اقْتَرَضَ مِنْهُ دِينَارًا آخَرَ وَجَعَلَ الْكِتَابَ رَهْنًا عَلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ ; لِأَنَّهُ رَهْنُ مَرْهُونٍ وَالْمَشْغُولُ لَا يُشْغَلُ
(وَ) يَصِحُّ (رَهْنُ) كُلِّ (مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) مِنْ الْأَعْيَانِ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الِاسْتِيثَاقُ الْمُوَصِّلُ لِلدَّيْنِ (وَلَوْ) كَانَ الرَّهْنُ (نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّرًا أَوْ مُعَارًا) وَلَوْ لِرَبِّ دَيْنٍ ; لِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ فَصَحَّ رَهْنُهُ
(وَيَسْقُطُ ضَمَانُ الْعَارِيَّةِ) لِانْتِقَالِهَا لِلْأَمَانَةِ إنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا الْمُرْتَهِنُ (أَوْ) كَانَ (مَبِيعًا) وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ ; لِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ إذَنْ فَصَحَّ رَهْنُهُ كَمَا بَعْدَ الْقَبْضِ (غَيْرَ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ) وَمَا بِيعَ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ (قَبْلَ قَبْضِهِ) ; لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إذَنْ فَلَمْ يَصِحَّ رَهْنُهُ
(وَلَوْ) كَانَ رَهْنُ الْمَبِيعِ (عَلَى ثَمَنِهِ) نَصًّا ; لِأَنَّ ثَمَنَهُ فِي الذِّمَّةِ دَيْنٌ وَالْمَبِيعُ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي فَجَازَ رَهْنُهُ بِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ (أَوْ) كَانَ (مُشَاعًا) وَلَوْ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَيَّنٍ فِي مُشَاعٍ يُقْسَمُ إجْبَارًا بِأَنْ رَهَنَ نَصِيبَهُ مِنْ بَيْتٍ مِنْ دَارٍ يَمْلِكُ نِصْفَهَا ; لِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ فَصَحَّ رَهْنُهُ وَاحْتِمَالُ حُصُولِهِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ فِي الْقِسْمَةِ مَمْنُوعٌ ; لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَتَصَرَّفُ بِمَا يَضُرُّ الْمُرْتَهِنَ وَإِذَا رَهَنَهُ الْمُشَاعَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْقُولًا لَمْ يَحْتَجْ فِي التَّخْلِيَةِ لِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَإِنْ كَانَ يُنْقَلُ وَرَضِيَ الشَّرِيكُ وَالْمُرْتَهِنُ بِكَوْنِهِ بِيَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا جَازَ (وَإِنْ لَمْ يَرْضَ شَرِيكٌ وَمُرْتَهِنٌ بِكَوْنِهِ) أَيْ الْمُشْتَرَكِ (بِيَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ) بِيَدِ (غَيْرِهِمَا جَعَلَهُ حَاكِمٌ بِيَدِ أَمِينٍ أَمَانَةً أَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ أَجَّرَهُ) الْحَاكِمُ عَلَيْهِمَا فَيَجْتَهِدُ فِي الْأَصْلَحِ لَهُمَا ; لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْآخَرِ وَلَا يُمْكِنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute