للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَابُ الْوَلَاءِ]

ِ وَجَرُّهُ وَدَوْرُهُ وَهُوَ لُغَةً: الْمِلْكُ وَشَرْعًا: (ثُبُوتُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ) أَيْ: عُصُوبَةٍ ثَابِتَةٍ (بِعِتْقٍ أَوْ تَعَاطِي سَبَبِهِ) كَاسْتِيلَادٍ وَتَدْبِيرٍ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ} [الأحزاب: ٥] أَيْ: الْأَدْعِيَاءُ {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٥] وَحَدِيثُ «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ» وَحَدِيثُ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» وَحَدِيثُ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَغَيْرِهَا (فَمَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا، أَوْ) أَعْتَقَ (بَعْضَهُ فَسَرَى إلَى الْبَاقِي أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ) رَقِيقٌ (بِرَحِمٍ) كَأَبِيهِ وَأَخِيهِ إذَا مَلَكَهُ (أَوْ) عَتَقَ عَلَيْهِ بِ (عِوَضٍ) بِأَنْ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ فَعَتَقَ عَلَيْهِ، فَلَهُ وَلَاؤُهُ نَصًّا. وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً وَنَحْوَهُ (أَوْ) عَتَقَ عَلَيْهِ (بِكِتَابَةٍ) بِأَنْ كَاتَبَهُ فَأَدَّى إلَيْهِ (أَوْ) عَتَقَ عَلَيْهِ (بِتَدْبِيرٍ) بِأَنْ قَالَ لَهُ: إذَا مِتَّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَنَحْوَهُ وَمَاتَ فَخَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ (أَوْ) عَتَقَ عَلَيْهِ (بِإِيلَادٍ) كَأُمِّ وَلَدٍ (أَوْ) عَتَقَ عَلَيْهِ بِ (وَصِيَّةٍ) بِأَنْ وَصَّى بِعِتْقِهِ فَنَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ (فَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ) لِحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

(وَ) لَهُ أَيْضًا الْوَلَاءُ (عَلَى أَوْلَادِهِ) أَيْ: الْعَتِيقِ (مِنْ زَوْجَةٍ عَتِيقَةٍ) لِمُعْتِقِهِ (أَوْ) غَيْرِهِ وَعَلَى أَوْلَادٍ مِنْ (سُرِّيَّةٍ) لِلْعَتِيقِ تَبَعًا لَهُ. فَإِنْ كَانُوا مِنْ حُرَّةِ الْأَصْلِ أَوْ مَجْهُولَةِ النَّسَبِ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَمَةِ الْغَيْرِ فَتَبَعٌ لِأُمِّهِمْ حَيْثُ لَا شَرْطَ وَلَا غُرُورَ (وَ) لَهُ الْوَلَاءُ (عَلَى مَنْ لَهُ) أَيْ: الْعَتِيقُ وَلَاؤُهُ كَعُتَقَائِهِ (أَوْ لَهُمْ) أَيْ: أَوْلَادِ الْعَتِيق مِمَّنْ سَبَقَ (وَإِنْ سَفُلُوا وَلَاؤُهُ) ; لِأَنَّهُ وَلِيُّ نِعْمَتِهِمْ وَبِسَبَبِهِ عَتَقُوا، وَلِأَنَّهُمْ فَرْعُهُ وَالْفَرْعُ يَتْبَعُ أَصْلَهُ. فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاشَرَ عِتْقَهُمْ، وَسَوَاءٌ الْحَرْبِيُّ وَغَيْرُهُ لِعُمُومِ حَدِيثِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَإِذَا جَاءَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا فَالْوَلَاءُ بِحَالِهِ، وَإِنْ سُبِيَ الْمُعْتَقُ لَمْ يَرِثْ مَا دَامَ عَبْدًا. فَإِنْ أُعْتِقَ فَعَلَيْهِ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ، وَلَهُ الْوَلَاءُ عَلَى عَتِيقه

وَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ (حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ سَائِبَةً كَ) قَوْلِهِ: (أَعْتَقْتُك سَائِبَةً أَوْ) قَالَ: أَعْتَقْتُك (وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك) لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» فَكَمَا لَا يَزُولُ نَسَبُ إنْسَانٍ وَلَا وَلَدٍ عَنْ فِرَاشٍ بِشَرْطٍ لَا يَزُولُ وَلَاءٌ عَنْ عَتِيق بِذَلِكَ وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: إنِّي أَعْتَقْت عَبْدًا لِي فَجَعَلْته سَائِبَةً فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالًا وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَا يُسَيِّبُونَ وَإِنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا يُسَيِّبُونَ، وَأَنْتَ وَلِيُّ نِعْمَتِهِ. فَإِنْ تَأَثَّمْتَ أَوْ تَحَرَّجْتَ مِنْ شَيْءٍ فَنَحْنُ نَقْبَلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>