للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْهُ، لِأَنَّهُ أَجِيرٌ خَاصٌّ وَضَمِنَهُ صَاحِبُ الدُّكَّانِ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ (وَإِنْ اسْتَعَانَ) مَنْ يَتَقَبَّلُ الْأَعْمَالَ أَحْسَنَهَا أَوْ لَا (وَلَمْ يَعْمَلْ فَلَهُ الْأُجْرَةُ) الْمُسَمَّاةُ فِي الْعَقْدِ (لِضَمَانِهِ) الْتِزَامِهِ الْعَمَلَ (لَا لِتَسْلِيمِ الْعَمَلِ) وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرِكَةِ: أَنَّ التَّقَبُّلَ يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُتَقَبِّلِ وَيَسْتَحِقُّ بِهِ الرِّبْحَ، وَسَوَاءٌ عَمِلَ فِيهِ شَيْئًا أَوْ لَا.

(وَ) إنْ قَالَ الْأَجِيرُ: (أَذِنْتَ) لِي (فِي تَفْصِيلِهِ) أَيْ: الثَّوْبِ (قَبَاءً) وَ (قَالَ) الْمُسْتَأْجِرُ: (بَلْ) أَذِنْتُ لَك فِي تَفْصِيلِهِ (قَمِيصًا فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُ الْخَيَّاطِ) وَكَذَا إنْ قَالَ: أَذِنْتُ فِي قَطْعِهِ قَمِيصَ امْرَأَةٍ، قَالَ: بَلْ قَمِيصُ رَجُلٍ، أَوْ فِي صَبْغِهِ أَسْوَدَ فَقَالَ: بَلْ أَحْمَرُ وَنَحْوُهُ ; لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْإِذْنِ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي صِفَتِهِ. فَقُبِلَ قَوْلُ الْمَأْذُونِ كَالْمُضَارَبَةِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ، فَيَحْلِفُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْغُرْمُ (وَلَهُ) أَيْ: الْأَجِيرِ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ) لِأَنَّهُ عَمِلَ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ. وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِدَعْوَاهُ. وَكَذَا لَوْ صَاغَ لَهُ صَائِغٌ ذَهَبًا سِوَارَيْنِ فَقَالَ رَبُّهُ: إنَّمَا أَذِنْتُكَ بِصِيَاغَتِهِ خَلْخَالَيْنِ فَقَوْلُ الصَّائِغِ بِيَمِينِهِ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ كَالَّتِي قَبْلَهَا.

(وَ) مَنْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ وَقَالَ: (إنْ كَانَ يَكْفِينِي فَفَصِّلْهُ، فَقَالَ: يَكْفِيَكَ فَفَصَّلَهُ فَلَمْ يَكْفِهِ ضَمِنَهُ، كَمَا لَوْ قَالَ اقْطَعْهُ قَبَاءً فَقَطَعَهُ قَمِيصًا) ; لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَهُ فِي قَطْعِهِ بِشَرْطِ كِفَايَتِهِ فَقَطَعَهُ بِدُونِ شَرْطِهِ وَ (لَا) يَضْمَنُ (إنْ قَالَ) الْخَيَّاطُ لِرَبِّهِ: (يَكْفِيكَ فَقَالَ: اقْطَعْهُ) فَقَطَعَهُ ; لِأَنَّهُ أَذِنَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا.

[فَصْلٌ وَتَجِبُ أَيْ تَمَلُّكُ أُجْرَةٍ فِي إجَارَةِ عَيْنٍ]

(فَصْلٌ وَتَجِبُ) أَيْ: تَمَلُّكُ (أُجْرَةٍ فِي إجَارَةِ عَيْنٍ) وَلَوْ مُدَّةً لَا تَلِي الْعَقْدَ (أَوْ) إجَارَةٍ عَلَى مَنْفَعَةٍ فِي (ذِمَّةٍ) كَحَمْلٍ مُعَيَّنٍ إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ (بِعَقْدٍ) شُرِطَ فِيهِ الْحُلُولُ أَوْ أُطْلِقَ، كَمَا يَجِبُ الثَّمَنُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ بِالنِّكَاحِ. وقَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] وَحَدِيثُ " «أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ» " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ لَا يُعَارِضُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِيتَاءِ فِي وَقْتٍ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَهُ قَبْلَهُ. كَقَوْلِهِ {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: ٢٤] وَالصَّدَاقُ يَجِبُ قَبْلَ الِاسْتِمْتَاعِ (وَتُسْتَحَقُّ) الْأُجْرَةُ (كَامِلَةً) أَنْ يَمْلِكَ الْمُؤَجِّرُ الْمُطَالَبَةَ بِهَا (بِتَسْلِيمِ عَيْنٍ) مُعَيَّنَةً كَانَتْ أَوْ مَوْصُوفَةً لِجَرَيَانِ تَسْلِيمِهَا مَجْرَى تَسْلِيمِ نَفْعِهَا (أَوْ بَذْلِهَا) أَيْ: الْعَيْنِ، بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا مُؤَجِّرٌ إلَى مُسْتَأْجِرٍ لِيَسْتَوْفِيَ نَفْعَهَا فَيَمْتَنِعَ مِنْ تَسَلُّمِهَا ; لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>