للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(زَوْجٍ ثَانٍ وَيَرْضَى) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] وَقَوْلِهِ: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، وَلِأَنَّ أُمَّهُ أَشْفَقُ، وَلَبَنُهَا أَمْرَأُ عَلَيْهِ، فَإِنْ طَلَبَتْ الْأُمُّ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَوَجَدَ الْأَبُ مَنْ يَرْضِعُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ مُتَبَرِّعَةً فَلِأَبٍ أَخْذُهُ مِنْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: ٦] وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُرْضِعَةً إلَّا بِمَا طَلَبَتْهُ الْأُمُّ، فَالْأُمُّ أَحَقُّ لِمَا سَبَقَ.

وَإِنْ مَنَعَ الْأُمَّ زَوْجُهَا غَيْرُ أَبِي الطِّفْلِ مِنْ رَضَاعِهِ سَقَطَ حَقُّهَا لِتَعَذُّرِ وُصُولِهَا إلَيْهِ (وَيَلْزَمُ حُرَّةً) إرْضَاعُ وَلَدِهَا (مَعَ خَوْفِ تَلَفِهِ) بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ ثَدْيَ غَيْرِهَا وَنَحْوَهُ حِفْظًا لَهُ عَنْ الْهَلَاكِ كَمَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا، وَلَهَا أُجْرَةُ مِثْلِهَا، فَإِنْ لَمْ يُخَفْ تَلَفُهُ لَمْ تُجْبَرْ دَنِيَّةً كَانَتْ أَوْ شَرِيفَةً فِي حِبَالِهِ أَوْ مُطَلَّقَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: ٦] .

(وَ) يَلْزَمُ (أُمَّ وَلَدٍ) إرْضَاعُ وَلَدِهَا (مُطْلَقًا) أَيْ خِيفَ عَلَى الْوَلَدِ أَمْ لَا مِنْ سَيِّدِهَا أَوْ غَيْرِهِ (مَجَّانًا) أَيْ بِلَا أُجْرَةٍ ; لِأَنَّ نَفْعَهَا لِسَيِّدِهَا (وَمَتَى عَتَقَتْ) أُمُّ الْوَلَدِ (فَكَ) حُرَّةٍ (بَائِنٍ) لَا تُجْبَرُ عَلَى إرْضَاعِهِ. فَإِنْ فَعَلَتْ فَلَهَا أُجْرَةُ مِثْلِهَا: وَإِنْ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ زَوَّجَهَا سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا عَلَى ظَاهِرِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ. وَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الرَّضَاعِ.

قَالَهُ ابْنُ رَجَبٍ (وَلِزَوْجٍ ثَانٍ) أَيْ غَيْرِ أَبِ الرَّضِيعِ (مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِ وَلَدِهَا مِنْ) الزَّوْجِ (الْأَوَّلِ) أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا ; لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ حَقَّهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ (إلَّا لِضَرُورَتِهِ) أَيْ الْوَلَدِ بِأَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ يَرْضِعُهُ غَيْرُهَا أَوْ لَا يَقْبَلَ ثَدْيَ غَيْرِهَا (أَوْ شَرْطِهَا) بِأَنْ شَرَطَتْ فِي الْعَقْدِ أَنْ لَا يَمْنَعَهَا رَضَاعَ وَلَدِهَا فَلَهَا شَرْطُهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَمَنْ أَرْضَعَتْ وَلَدَهَا وَهِيَ فِي حِبَالِ أَبِيهِ فَاحْتَاجَتْ لِزِيَادَةِ نَفَقَةٍ لَزِمَهُ ; لِأَنَّ عَلَيْهِ كِفَايَتَهَا.

[فَصْلٌ تَلْزَمُ السَّيِّدَ نَفَقَةٌ وَسُكْنَى]

وَتَلْزَمُهُ أَيْ السَّيِّدَ نَفَقَةٌ وَسُكْنَى عُرْفًا أَيْ بِالْمَعْرُوفِ (لِرَقِيقِهِ وَلَوْ) كَانَ رَقِيقُهُ (آبِقًا) أَوْ مَرِيضًا أَوْ انْقَطَعَ كَسْبُهُ (أَوْ) كَانَ أَمَةً (نَاشِزًا أَوْ) كَانَ (ابْنَ أَمَتِهِ مِنْ حُرٍّ) ; لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأُمِّهِ حَيْثُ لَا شَرْطَ وَلَا غُرُورَ (مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ) مُتَعَلِّقٌ بِ تَلْزَمُهُ سَوَاءٌ كَانَ قُوتَ سَيِّدِهِ أَوْ دُونَهُ أَوْ فَوْقَهُ وَأُدْمَ مِثْلِهِ.

(وَ) تَلْزَمُهُ (كِسْوَتُهُ) أَيْ رَقِيقِهِ (مُطْلَقًا) غَنِيًّا كَانَ الْمَالِكُ أَوْ فَقِيرًا أَوْ مُتَوَسِّطًا مِنْ غَالِبِ الْكِسْوَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>