لِأَمْثَالِهِ مِنْ الْعَبِيدِ بِذَلِكَ الْبَلَدِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ» " رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي سَنَدِهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْمَمْلُوكِ عَلَى سَيِّدِهِ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نَفَقَةٍ، وَمَنَافِعُهُ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ كَبَهِيمَتِهِ (وَلِمُبَعَّضٍ) عَلَى مَالِكِ بَعْضِهِ مِنْ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَسُكْنَاهُ (بِقَدْرِ رِقِّهِ وَبَقِيَّتُهَا) أَيْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالسُّكْنَى (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُبَعَّضِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ فَإِنْ أَعْسَرَ وَعَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ فَعَلَى وَارِثِهِ الْغَنِيِّ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَجْعَلَ نَفَقَةَ رَقِيقِهِ فِي كَسْبِهِ وَأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ يَأْخُذُ كَسْبَهُ أَوْ يَسْتَخْدِمَهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ ; لِأَنَّ الْكُلَّ لَهُ، وَإِنْ جَعَلَهَا فِي كَسْبِهِ وَفَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلِسَيِّدِهِ وَإِنْ أَعْوَزَ فَعَلَيْهِ تَمَامُهُ (وَعَلَى حُرَّةٍ نَفَقَةُ وَلَدِهَا مِنْ عَبْدٍ) نَصًّا.
قُلْت إنْ كَانَ مَنْ يُشْرِكُهَا فِي الْمِيرَاثِ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِهِ كَمَا سَبَقَ (وَكَذَا مُكَاتَبَةٌ وَلَوْ أَنَّهُ) أَيْ وَلَدَهَا (مِنْ مُكَاتَبٍ) فَنَفَقَةُ وَلَدِهَا عَلَيْهَا (وَكَسْبُهُ لَهَا) لِتَبَعِيَّتِهِ لَهَا (وَيُزَوَّجُ) رَقِيقٌ وُجُوبًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (بِطَلَبِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: ٣٢] وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى النِّكَاحِ غَالِبًا وَكَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَلِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْ تَرْكِ إعْفَافِهِ الْوُقُوعَ فِي الْمَحْظُورِ بِخِلَافِ طَلَبِ الْحَلْوَى (غَيْرَ أَمَةٍ يَسْتَمْتِعُ بِهَا) سَيِّدُهَا (وَلَوْ) كَانَتْ (مُكَاتَبَةً بِشَرْطِهِ) أَيْ كَاتَبَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَطَأَهَا زَمَنَ كِتَابَتِهَا ; لِأَنَّ الْقَصْدَ قَضَاءُ الْحَاجَةِ، وَإِزَالَةُ دَفْعِ ضَرَرِ الشَّهْوَةِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا (وَتُصَدَّقُ) أَمَةٌ طَلَبَتْ تَزْوِيجًا وَادَّعَى سَيِّدُهَا أَنَّهُ يَطَؤُهَا (فِي أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ) ; لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَيَجِبُ خِتَانُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَخْتُونًا مِنْهُمْ.
(وَمَنْ غَابَ عَنْ أَمَتِهِ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً) وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا مَا لَا تُقْطَعُ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ (فَطَلَبَتْ التَّزْوِيجَ زَوَّجَهَا مَنْ يَلِي مَالَهُ) أَيْ مَالَ الْغَائِبِ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ زَوَّجَهَا الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ عَنْ الْقَاضِي (وَكَذَا أَمَةُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) طَلَبَتْ التَّزْوِيجَ فَيُزَوِّجُهَا مَنْ يَلِي مَالَهُ (وَإِنْ غَابَ) سَيِّدٌ (عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ زُوِّجَتْ لِحَاجَةِ نَفَقَةٍ) قَالَ فِي الرِّعَايَةِ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَحَفِظَ مَهْرَهَا لِلسَّيِّدِ قَالَ (الْمُنَقِّحُ وَكَذَا) لِحَاجَةِ (وَطْءٍ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَوْ وَطْءٍ عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ كَنَفَقَةٍ أَيْ أَوْجَبَهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (وَيَجِبُ أَنْ لَا يُكَلَّفُوا) أَيْ الْأَرِقَّاءُ (مَشَقًّا كَثِيرًا) لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا " إخْوَانُكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute