فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ سَائِغٌ نَافِذٌ فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِسَوَغَانِهِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْإِجْزَاءَ أَيْ: فِي أَخْذ الْقِيمَةِ، وَلَوْ اعْتَقَدَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَدَمَهُ انْتَهَى. وَيُجْزِئُ إخْرَاجُ خَلِيطٍ بِدُونِ إذْنِ خَلِيطِهِ فِي غَيْبَتِهِ وَحُضُورِهِ. وَالِاحْتِيَاطُ: بِإِذْنِهِ. و (لَا) يَرْجِعُ مَأْخُوذٌ مِنْهُ بِقِسْطٍ زَائِدٍ أَخَذَهُ سَاعٍ (ظُلْمًا) بِلَا تَأْوِيلٍ كَأَخْذِهِ عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً مُخْتَلِطَةً شَاتَيْنِ، أَوْ عَنْ ثَلَاثِينَ بَعِيرًا جَذَعَةً مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا، فَلَا يَرْجِعُ فِي الْأُولَى إلَّا بِقِيمَةِ نِصْفِ شَاةٍ وَفِي الثَّانِيَةِ إلَّا بِقِيمَةِ نِصْفِ بِنْتِ مَخَاضٍ. لِأَنَّ الزِّيَادَةَ ظُلْمٌ، فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ، أَوْ مُتَسَبِّبٍ فِي ظُلْمِهِ.
[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ وَمَعْدِنٍ وَرِكَازٍ]
(وَ) زَكَاةُ الْخَارِجِ مِنْ (النَّحْلِ) وَهُوَ عَسَلُهُ. وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا فِي ذَلِكَ: قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " حَقُّهُ الزَّكَاةُ فِيهِ مَرَّةً الْعُشْرُ وَمَرَّةً نِصْفُ الْعُشْرِ " وقَوْله تَعَالَى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الْأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧] وَالزَّكَاةُ تُسَمَّى نَفَقَةً، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٣٤] الْآيَةَ أَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
(تَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي كُلِّ مَكِيلٍ مُدَّخَرٍ) نَصًّا. وَيَدُلُّ لِاعْتِبَارِ الْكَيْلِ حَدِيثُ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الْكَيْلِ لَكَانَ ذِكْرُ الْأَوْسُقِ لَغْوًا. وَيَدُلُّ لِاعْتِبَارِ الِادِّخَارِ: أَنَّ غَيْرَ الْمُدَّخِرِ لَا تَكْمُلُ فِيهِ النِّعْمَةُ لِعَدَمِ النَّفْعِ بِهِ مَآلًا (مِنْ حَبٍّ) كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَبَاقِلَّاءَ وَأُرْزٍ وَحِمَّصٍ وَجُلُبَّانٍ وَذُرَةٍ وَدُخْنٍ وَعَدَسٍ وَلُوبْيَا وَتُرْمُسٍ وَسِمْسِمٍ وَقِرْطِمٍ - بِكَسْرِ الْقَافِ وَالطَّاءِ وَقَدْ تُضَمُّ - وَلَوْ كَانَ الْحَبُّ (لِلْبُقُولِ ك) حَبِّ (الرَّشَادِ و) حَبِّ (الْفُجْلِ) وَالْخَرْدَلِ وَنَحْوِهِ وَحُلْبَةٍ وَنَحْوِهِمَا.
(وَلَوْ) كَانَ الْحَبُّ (لِمَا لَا يُؤْكَلُ ك) حَبِّ (أُشْنَانٍ و) حَبِّ (قُطْنٍ وَنَحْوِهِمَا) كَحَبِّ كَتَّانٍ وَنِيلَةٍ (أَوْ) كَانَ الْحَبُّ (مِنْ الْأَبَازِيرِ كَالْكُسْبَرَةِ وَالْكَمُّونِ) وَالشَّمَرِ (وَبَزْرِ الرَّيَاحِينِ وَ) بَزْرِ (الْقِثَّاءِ وَنَحْوِهِمَا) كَبِزْرِ بِطِّيخٍ بِأَنْوَاعِهِ وَبَذْرِ خِيَارٍ وَهَنْدَبَا وَبَاذِنْجَانِ وَدُبَّاءٍ ; وَهِيَ الْقَرْعُ بِنَوْعَيْهِ، أَوْ أَنْوَاعِهِ. وَخَسٍّ وَجَزَرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute