أَخْذُ زَكَاةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَالِهِ فَلَا تَشْقِيصَ لِحَدِيثِ «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَجَّعَانِ بِالسَّوِيَّةِ» أَيْ: إذَا أَخَذَ السَّاعِي مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى خَلِيطِهِ بِنِسْبَةِ مَالِهِ، وَلِأَنَّ الْمَالَيْنِ صَارَا كَمَالٍ وَاحِدٍ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَكَذَا فِي أَخْذِهَا.
(وَلَوْ) كَانَ أَخَذَ سَاعِي الزَّكَاةِ (بَعْدَ قِسْمَةٍ فِي خُلْطَةِ أَعْيَانٍ مَعَ بَقَاءِ النَّصِيبَيْنِ، وَقَدْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ) فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ أَيِّهِمَا شَاءَ لِسَبْقِ الْوُجُوبِ الْقِسْمَةَ. وَظَاهِرُهُ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا مَا عَلَى الْآخَرِ بَعْدَ انْفِرَادٍ فِي خُلْطَةِ أَوْصَافٍ (وَمَنْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ كَذِمِّيٍّ) وَمُكَاتَبٍ وَمَدِينٍ مُسْتَغْرَقٍ (لَا أَثَرَ لِخُلْطَتِهِ فِي جَوَازِ الْأَخْذِ) أَيْ: أَخْذِ سَاعِي الزَّكَاةِ مِنْ مَالِ نَحْوِ الذِّمِّيِّ ; لِأَنَّ خُلْطَتَهُ لَا تُؤَثِّرُ فِي ضَمِّ أَحَدِ الْمَالَيْنِ إلَى الْآخَرِ فَأَشْبَهَا الْمُنْفَرِدَيْنِ.
(وَيَرْجِعُ) خَلِيطٌ مِنْ أَهْلِهَا (مَأْخُوذٌ مِنْهُ) زَكَاةُ جَمِيعِ مَالِ خُلْطَةٍ (عَلَى خَلِيطِهِ بِقِيمَةِ الْقِسْطِ الَّذِي قَابَلَ مَالَهُ) أَيْ: الَّذِي لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ (مِنْ الْمُخْرِجِ) زَكَاةٌ لِلْخَبَرِ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ (يَوْمَ الْأَخْذِ) أَيْ: أَخْذِ سَاعٍ لَهُ لِزَوَالِ مِلْكِهِ إذَنْ عَنْهُ (فَيَرْجِعُ رَبُّ خَمْسَةَ عَشْرَ بَعِيرًا مِنْ) أَصْلِ (خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ) بَعِيرًا خُلْطَةً (عَلَى رَبِّ عِشْرِينَ) مِنْهَا (بِقِيمَةِ أَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ بِنْتِ مَخَاضٍ) أُخِذَتْ مِنْ مَالِهِ ; لِأَنَّ الْعِشْرِينَ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعٍ لِلْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ (وَبِالْعَكْسِ) بِأَنْ أَخَذَتْ بِنْتُ الْمَخَاضِ مِنْ مَالِ رَبِّ الْعِشْرِينَ، رَجَعَ عَلَى رَبِّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ (بِثَلَاثَةِ أَسْبَاعِهَا) لِأَنَّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ الْمَالِ، وَعَلَى نَحْوِ هَذَا حِسَابُهَا.
(وَمِنْ بَيْنِهِمَا ثَمَانُونَ شَاةً نِصْفَيْنِ، وَعَلَى أَحَدِهِمَا دَيْنٌ بِقِيمَةِ عِشْرِينَ مِنْهَا فَعَلَيْهِمَا شَاةٌ) لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ يَبْلُغُ نِصَابًا (عَلَى الْمَدِينِ) مِنْهَا (ثُلُثُهَا) أَيْ: الشَّاةِ لِمَنْعِ الدَّيْنِ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيمَا قَابَلَهُ فَكَأَنَّهُ مَالِكٌ عِشْرِينَ خُلِطَتْ بِأَرْبَعِينَ، فَهِيَ ثُلُثٌ (وَعَلَى الْآخَرِ ثُلُثَاهَا) أَيْ: الشَّاةِ بِنِسْبَةِ مَالِهِ (وَيُقْبَلُ قَوْلُ مَرْجُوعٍ عَلَيْهِ فِي قِيمَةِ) مُخْرَجٍ مِنْ خَلِيطِهِ (بِيَمِينِهِ إنْ عُدِمَتْ بَيِّنَةٌ) بِالْقِيمَةِ (وَاحْتُمِلَ صِدْقُهُ) فِيمَا ادَّعَاهُ قِيمَةً ; لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَمُنْكِرٌ لِلزَّائِدِ ; فَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةٌ عَمِلَ بِهَا أَوْ لَمْ يُحْتَمَلْ صِدْقُهُ، لِمُخَالَفَةِ الْحِسِّ، رُدَّ قَوْلُهُ (وَيَرْجِعُ) مَأْخُوذٌ مِنْهُ الزَّكَاةُ عَلَى خَلِيطٍ (بِقِسْطٍ زَائِدٍ) عَنْ وَاجِبٍ (أَخَذَهُ سَاعٍ بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ) كَأَخْذِ صَحِيحَةٍ عَنْ مِرَاضٍ، أَوْ كَبِيرَةٍ عَنْ صِغَارٍ.
وَكَذَا لَوْ أَخَذَ قِيمَةَ الْوَاجِبِ ; لِأَنَّ السَّاعِيَ نَائِبُ الْإِمَامِ فَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ، قَالَ الْمَجْدُ: فَلَا يُنْقَضُ كَمَا فِي الْحَاكِمِ.
قَالَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: مَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ وَجَبَ دَفْعُهُ، وَصَارَ بِمُنْزِلَةِ الْوَاجِبِ، وَلِأَنَّ فِعْلَ السَّاعِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute