رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «قَامَ ثُمَّ قَعَدَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ (وَ) كُرِهَ (رَفْعُ الصَّوْتِ مَعَهَا) أَيْ الْجِنَازَةِ (وَلَوْ بِقِرَاءَةٍ) أَوْ تَهْلِيلٍ، لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ مَعَ الْجِنَازَةِ: اسْتَغْفِرُوا لَهُ وَنَحْوَهُ: بِدْعَةٌ. وَرَوَى سَعِيدٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَا لِقَائِلٍ ذَلِكَ " لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ.
(وَ) كُرِهَ (أَنْ تَتْبَعَهَا امْرَأَةٌ) لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ «نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، أَيْ لَمْ يُحَتَّمْ عَلَيْنَا تَرْكُ اتِّبَاعِهِ (وَحَرُمَ أَنْ يَتْبَعَهَا مَعَ مُنْكَرٍ) مِنْ نَحْوِ نَوْحٍ وَلَطْمِ خَدٍّ (عَاجِزٍ عَنْ إزَالَتِهِ) أَيْ الْمُنْكَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (وَيَلْزَمُ الْقَادِرَ) عَلَى إزَالَتِهِ أَنْ يُزِيلَهُ وَلَا يُتْرَكَ اتِّبَاعَهَا. وَيُكْرَهُ مَسُّ النَّعْشِ بِيَدٍ وَغَيْرِهَا. وَلِمُتَّبِعِهَا ضَحِكٌ وَتَبَسُّمٌ، وَتَحَدُّثٌ بِأَمْرِ دُنْيَا. وَأَنْ تُتْبَعَ بِمَاءِ وَرْدٍ وَنَارٍ، وَنَحْوِهِ، وَمِثْلُهُ التَّبْخِيرُ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ، وَرَفْعُ الصَّوْتِ وَالضَّجَّةِ عِنْدَ وَضْعِهَا، وَيُسْتَحَبُّ لِمُتَّبِعِهَا الْخُشُوعُ وَالتَّفَكُّرُ فِي مَآلِهِ، وَالِاتِّعَاظِ بِالْمَوْتِ، وَمَا يَصِير إلَيْهِ الْمَيِّتُ.
[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]
فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ (وَدَفْنُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {: ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: ٢١] الْآيَةَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " أَكْرَمَهُ بِدَفْنِهِ " وَقَالَ {أَلَمْ نَجْعَلْ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: ٢٥] أَيْ جَامِعَةً لِلْأَحْيَاءِ فِي ظَهْرِهَا بِالْمَسَاكِنِ، وَلِلْأَمْوَاتِ فِي بَطْنِهَا بِالْقُبُورِ. وَالْكَفْتُ: الْجَمْعُ وَهُوَ إكْرَامٌ لِلْمَيِّتِ ; لِأَنَّهُ لَوْ تُرِكَ لَأَنْتَنَ وَتَأَذَّى النَّاسُ بِرَائِحَتِهِ، وَقَدْ أَرْشَدَ اللَّهُ قَابِيلَ إلَى دَفْنِ أَخِيهِ هَابِيلَ {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ} [المائدة: ٣١] .
(وَيَسْقُطُ) دَفْنٌ (وَتَكْفِينٌ وَحَمْلٌ ل) مَيِّتٍ بِفِعْلِ (كَافِرٍ) لِأَنَّ فَاعِلَهَا لَا يَخْتَصُّ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ (وَيُقَدَّمُ بِتَكْفِينٍ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى (مَنْ يُقَدَّمُ بِغُسْلِهِ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ (وَنَائِبُهُ كَهُوَ) فَيُقَدَّمُ النَّائِبُ عَلَى مَنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ مُسْتَنِيبُهُ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ وَصِيًّا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، كَمَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (وَالْأَوْلَى) لِغَاسِلٍ (تَوَلِّيهِ) أَيْ التَّكْفِينِ (بِنَفْسِهِ) دُونَ نَائِبِهِ، مُحَافَظَةً عَلَى تَقْلِيلِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْمَيِّتِ.
(وَ) يُقَدَّمُ (بِدَفْنِ رَجُلٍ) ذَكَرٍ (مَنْ قُدِّمَ بِغُسْلِهِ) «لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْحَدَهُ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَأُسَامَةُ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute