للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فَرَائِضُ التَّيَمُّمِ]

فَصْلٌ وَفَرَائِضُهُ أَيْ التَّيَمُّمِ خَمْسَةٌ فِي الْجُمْلَةِ أَحَدُهَا (مَسْحُ وَجْهِهِ) وَمِنْهُ اللِّحْيَةُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} [المائدة: ٦] (سِوَى مَا تَحْتَ) شَعْرٍ، وَلَوْ كَانَ الشَّعْرُ (خَفِيفًا وَ) سِوَى (دَاخِلِ فَمٍ وَأَنْفٍ، وَيُكْرَهُ) إدْخَالُ التُّرَابِ فَمَهُ وَأَنْفَهُ لِتَقْذِيرِهِ.

(وَ) الثَّانِي مَسْحُ (يَدَيْهِ إلَى كُوعَيْهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَيْدِيكُمْ} [المائدة: ٦] وَإِذَا عُلِّقَ حُكْمٌ بِمُطْلَقِ الْيَدَيْنِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الذِّرَاعُ، كَقَطْعِ السَّارِقِ وَمَسِّ الْفَرْجِ.

وَلِحَدِيثِ عَمَّارٍ قَالَ: «بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ فَأَجْنَبْت، فَلَمْ أَجِدْ الْمَاءَ ; فَتَمَرَّغْت فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَتَمَرَّغُ الدَّابَّةُ ثُمَّ أَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: إنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَنْ تَقُولَ بِيَدِك هَكَذَا، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَلَوْ أَمَرَّ الْمَحَلَّ) الْمَمْسُوحَ فِي التَّيَمُّمِ (عَلَى تُرَابٍ) وَمَسَحَهُ بِهِ صَحَّ (أَوْ صَمَدَهُ) أَيْ نَصَبَ الْمَحَلَّ الَّذِي يَمْسَحُ فِي التَّيَمُّمِ (لِرِيحٍ فَعَمَّهُ) التُّرَابُ (وَمَسَحَهُ بِهِ صَحَّ) تَيَمُّمُهُ إنْ نَوَاهُ، كَمَا لَوْ صَمَّدَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ لِمَاءٍ فَجَرَى عَلَيْهَا (لَا إنْ سَفَتْهُ) أَيْ سَفَتْ رِيحٌ الْمَحَلَّ بِتُرَابٍ مِنْ غَيْرِ تَصْمِيدٍ (فَمَسَحَهُ بِهِ) لِأَمْرِهِ تَعَالَى بِقَصْدِ الصَّعِيدِ.

(وَإِنْ تَيَمَّمَ بِبَعْضِ يَدَيْهِ، أَوْ) تَيَمَّمَ (بِحَائِلٍ) كَخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا، فَكَوُضُوءٍ يَصِحُّ حَيْثُ مَسَحَ مَا يَجِبُ مَسْحُهُ، لِوُجُودِ الْمَأْمُورِ بِهِ (أَوْ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ فَكَوُضُوءٍ) يَصِحُّ حَيْثُ نَوَاهُ الْمُتَيَمِّمُ، وَلَمْ يُكْرَهْ مُيَمَّمٌ.

(وَ) الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ (تَرْتِيبٌ وَمُوَالَاةٌ لِحَدَثٍ أَصْغَرَ) دُونَ حَدَثٍ أَكْبَرَ وَنَجَاسَةِ بَدَنٍ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ مَبْنِيٌّ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ، وَهُمَا فَرْضَانِ فِي الْوُضُوءِ دُونَ مَا سِوَاهُ

(وَهِيَ) أَيْ الْمُوَالَاةُ (هُنَا بِقَدْرِهَا) زَمَنًا (فِي وُضُوءٍ) فَهِيَ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ مَسْحَ عُضْوٍ حَتَّى يَجِفَّ مَا قَبْلَهُ لَوْ كَانَ مَغْسُولًا بِزَمَنٍ مُعْتَدِلٍ.

(وَ) الْخَامِسُ (تَعْيِينُ نِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ مَا يَتَيَمَّمُ لَهُ) كَصَلَاةٍ أَوْ طَوَافٍ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا أَوْ غَيْرَهُمَا (مِنْ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِبَاحَةِ (حَدَثٍ) أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ، جَنَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ نَجَاسَةٍ) بِبَدَنٍ، وَيَكْفِيهِ لَهَا تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ. وَإِنْ تَعَدَّدَتْ مَوَاضِعُهَا.

فَإِنْ نَوَى رَفْعَ حَدَثٍ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ لِأَنَّهُ مُبِيحٌ لَا رَافِعٌ لِأَنَّهُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ (فَلَا يَكْفِي) مَنْ هُوَ مُحْدِثٌ وَبِبَدَنِهِ نَجَاسَةُ التَّيَمُّمِ (لِأَحَدِهِمَا) عَنْ الْآخَر.

(وَ) لَا يَكْفِي مَنْ هُوَ مُحْدِثٌ وَجُنُبٌ التَّيَمُّمُ عَنْ غُسْلِهِ لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» .

وَإِذَا تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ أُبِيحَ لَهُ مَا يُبَاحُ لِلْمُحْدِثِ: مِنْ قِرَاءَةٍ وَلُبْثٍ بِمَسْجِدٍ دُونَ صَلَاةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>