فَفَاسِدُهُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُوجِبُهُ فَكَذَلِكَ فَاسِدُهُ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ حَالٍ ضَمِنَ فِيهَا فِي الصَّحِيحِ ضَمِنَ فِيهَا فِي الْفَاسِدِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ لَا تُضْمَنُ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ بَلْ الْعَيْنُ بِالثَّمَنِ، وَالْمَقْبُوضُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ يَجِبُ ضَمَانُ الْأُجْرَةِ، وَالْإِجَارَةُ الصَّحِيحَةُ تَجِبُ فِيهَا الْأُجْرَةُ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا، انْتَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ لَمْ يَنْتَفِعْ، وَفِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ رِوَايَتَانِ، وَالنِّكَاحُ الصَّحِيحُ يَسْتَقِرُّ فِيهِ الْمَهْرُ بِالْخَلْوَةِ دُونَ الْفَاسِدِ.
[فَصْلٌ الْمُضَارَبَةُ]
فَصْلٌ: الضَّرْبُ الثَّانِي: الْمُضَارَبَةُ مِنْ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ أَيْ: السَّفَرِ فِيهَا لِلتِّجَارَةِ، أَوْ مِنْ ضَرَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِسَهْمٍ فِي الرِّبْحِ، وَهَذِهِ تَسْمِيَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ يُسَمُّونَهَا قَرْضًا مِنْ قَرَضَ الْفَأْرُ الثَّوْبَ أَيْ: قَطَعَهُ كَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ اقْتَطَعَ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ وَسَلَّمَهَا لَهُ، وَاقْتَطَعَ لَهُ قِطْعَةً مِنْ رِبْحِهَا، أَوْ مِنْ الْمُقَارَضَةِ بِمَعْنَى الْمُوَازَنَةِ، يُقَالُ: تَقَارَضَ الشَّاعِرَانِ إذَا تَوَازَنَا. وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِهَا. وَحُكِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ، وَلِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا. (وَهِيَ) شَرْعًا (دَفْعُ مَالٍ) أَيْ: نَقْدٍ مَضْرُوبٍ غَيْرِ مَغْشُوشٍ كَثِيرًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرِكَةِ (وَمَا فِي مَعْنَاهُ) أَيْ: مَعْنَى الدَّفْعِ، كَوَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَغَصْبٍ إذَا قَالَ رَبُّهَا لِمَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ: ضَارِبْ بِهَا عَلَى كَذَا (مُعَيَّنٍ) أَيْ: الْمَالِ.
فَلَا يَصِحُّ: ضَارِبْ بِإِحْدَى هَذَيْنِ الْكِيسَيْنِ، تَسَاوَى مَا فِيهِمَا أَوْ اخْتَلَفَ، عَلِمَا مَا فِيهِمَا أَوْ جَهِلَاهُ ; لِأَنَّهَا عَقْدٌ تَمْنَعُ صِحَّتَهُ الْجَهَالَةُ فَلَمْ تَجُزْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْبَيْعِ (مَعْلُومٍ قَدْرُهُ) فَلَا تَصِحُّ بِصُبْرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى رَأْسِ الْمَالِ عِنْدَ الْفَسْخِ ; لِيُعْلَمَ الرِّبْحُ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَ الْجَهْلِ (لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ) أَيْ: الْمَالِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِ " دَفْعُ " (بِجُزْءٍ) مُتَعَلِّقٌ ب يَتَّجِرُ (مَعْلُومٍ مِنْ رِبْحِهِ) كَنِصْفِهِ أَوْ عُشْرِهِ (لَهُ) أَيْ: لِلْمُتَّجِرِ فِيهِ (أَوْ لِقِنِّهِ) ; لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ لِقِنِّهِ لَهُ. فَلَوْ جَعَلَاهُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عَبْدِ أَحَدِهِمَا أَثْلَاثًا كَانَ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ الثُّلُثَانِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَكَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرَاهُ أَيْ: الْعَبْدَ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ (أَوْ) لِلْمُتَّجِرِ فِيهِ (وَلِأَجْنَبِيٍّ مَعَ عَمَلٍ مِنْهُ) أَيْ: الْأَجْنَبِيِّ.
كَمَا لَوْ قَالَ: خُذْهُ فَاتَّجِرْ بِهِ أَنْتَ وَفُلَانٌ وَمَا رُبِحَ فَلَكُمَا نِصْفُهُ، فَيَكُونَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute