{وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] .
(أَوْ) كَانَ الْقَتِيلُ (جَنِينًا) بِأَنْ ضَرَبَ بَطْنَ حَامِلٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا أَوْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ لِأَنَّهُ نَفْسٌ مُحَرَّمَةٌ ; وَلَا كَفَّارَةَ بِإِلْقَاءِ مُضْغَةٍ لَمْ تَتَصَوَّرْ (غَيْرَ أَسِيرٍ حَرْبِيٍّ يُمْكِنُهُ) أَيْ: الَّذِي أَسَرَهُ (أَنْ يَأْتِيَ بِهِ الْإِمَامَ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قَتْلُهُ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ (وَ) غَيْرَ (نِسَاءِ) أَهْلِ (حَرْبٍ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَ) غَيْرَ (مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ) أَيْ: دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ. فَيَحْرُمُ قَتْلُهُمْ، وَلَا كَفَّارَةَ لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [النساء: ٩٢]- الْآيَةَ وَلِأَنَّهُمْ لَا أَمَانَ لَهُمْ وَلَا أَيْمَانَ، وَالْمَنْعُ مِنْ قَتْلِهِمْ لِلِافْتِيَاتِ عَلَى الْإِمَامِ، أَوْ انْتِفَاعِ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ. أَوْ لِعَدَمِ الدَّعْوَةِ وَلِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَضْمُونِينَ بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ. أَشْبَهُوا مُبَاحَ الدَّمِ وَ (لَا) كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسًا (مُبَاحَةً كَبَاغٍ) وَمُرْتَدٍّ، وَمَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ لِلْمُحَارَبَةِ (وَكَا) (لِقَتْلِ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا) أَوْ قَتْلِهِ (دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ) لِصَوْلِهِ عَلَيْهِ. لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ شَرْعًا، وَكَفَّارَتُهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَلَا إطْعَامَ فِيهَا. وَتَقَدَّمَ فِي الظِّهَارِ (وَيُكَفِّرُ قِنٌّ بِصَوْمٍ) لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ يُعْتِقُ مِنْهُ.
(وَ) يُكَفِّرُ (مِنْ مَالِ غَيْرِ مُكَلَّفٍ) كَصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ (وَلِيُّهُ) فَيُعْتِقُ مِنْهُ رَقَبَةً لِعَدَمِ إمْكَانِ الصَّوْمِ مِنْهُمَا. وَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ. وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ، وَيُكَفِّرُ سَفِيهٌ وَمُفْلِسٌ بِصَوْمٍ
(وَتَتَعَدَّدُ) الْكَفَّارَةُ (بِتَعَدُّدِ قَتْلٍ) كَتَعَدُّدِ الدِّيَةِ بِذَلِكَ لِقِيَامِ كُلِّ قَتِيلٍ بِنَفْسِهِ وَعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِغَيْرِهِ.
[بَابُ الْقَسَامَةِ]
ِ بِفَتْحِ الْقَافِ (وَهِيَ) اسْمُ مَصْدَرٍ مِنْ أَقْسَمَ إقْسَامًا وَقَسَامَةً.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هُمْ الْقَوْمُ يُقْسِمُونَ فِي دَعْوَاهُمْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ صَاحِبَهُمْ سُمُّوا قَسَامَةً بِاسْمِ الْمَصْدَرِ كَعَدْلٍ وَرِضًا. وَشَرْعًا (أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ فِي دَعْوَى قَتْلِ مَعْصُومٍ) لَا نَحْوِ مُرْتَدٍّ وَلَوْ جَرَحَ مُسْلِمًا.
قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِالْقَسَامَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. فَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِسْلَامِ (فَلَا تَكُونُ) الْقَسَامَةُ (فِي) دَعْوَى قَطْعِ (طَرَفٍ وَلَا) فِي دَعْوَى (جُرْحٍ) لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فِي النَّفْسِ لِحُرْمَتِهَا فَاخْتَصَّتْ بِهَا كَالْكَفَّارَةِ (وَشُرُوطُ صِحَّتِهَا ; عَشَرَةٌ) أَحَدُهَا (اللَّوْثُ وَهُوَ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ وُجِدَ مَعَهَا) أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute