«قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ الْجِيرَانُ يَسْتَقْرِضُونَ الْخُبْزَ وَالْخَمِيرَ وَيَرُدُّونَ زِيَادَةً وَنُقْصَانًا؟ فَقَالَ: لَا بَأْسَ إنَّمَا ذَلِكَ مِنْ مَرَافِقِ النَّاسِ لَا يُرَادُ بِهِ الْفَضْلُ» رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي وَلِمَشَقَّةِ اعْتِبَارِهِ بِالْوَزْنِ مَعَ دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ
(وَيَثْبُتُ الْبَدَلُ) أَيْ بَدَلُ الْقَرْضِ فِي ذِمَّةِ مُقْتَرِضٍ (حَالًّا) ; لِأَنَّهُ سَبَبٌ يُوجِبُ رَدَّ الْبَدَلِ فَأَوْجَبَهُ حَالًّا كَالْإِتْلَافِ أَوْ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُنِعَ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَمُنِعَ فِيهِ الْأَجَلُ كَالصَّرْفِ (وَلَوْ مَعَ تَأْجِيلِهِ) أَيْ الْقَرْضِ ; لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَأَيْضًا شَرْطُ الْأَجَلِ زِيَادَةٌ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْعَقْدِ فَلَا يَلْزَمُ (وَكَذَا كُلُّ) دَيْنٍ (حَالٍّ أَوْ) مُؤَجَّلٍ (حَلَّ) فَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَجُوزُ شَرْطُ رَهْنٍ فِيهِ) أَيْ الْقَرْضِ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اسْتَقْرَضَ مِنْ يَهُودِيٍّ شَعِيرًا وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ مَا جَازَ فِعْلُهُ جَازَ شَرْطُهُ (وَ) يَجُوزُ شَرْطُ ضَمِينٍ لِمَا تَقَدَّمَ
وَ (لَا) يَجُوزُ الْإِلْزَامُ بِشَرْطِ (تَأْجِيلِ) قَرْضٍ (أَوْ) شَرْطِ (نَقْصٍ فِي وَفَاءٍ) ; لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ (أَوْ) شَرْطٍ (جَرِّ نَفْعًا) فَيَحْرُمُ (كَ) شَرْطِهِ (أَنْ يُسْكِنَهُ) أَيْ الْمُقْتَرِضُ (دَارِهِ أَوْ يَقْضِيَهُ خَيْرًا مِنْهُ) أَيْ: مِمَّا أَقْرَضَهُ (أَوْ) أَنْ يَقْضِيَهُ (بِبَلَدٍ آخَرَ) وَلِحَمْلِهِ مُؤْنَةً ; لِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ وَقُرْبَةٍ، فَشَرْطُ النَّفْعِ فِيهِ يُخْرِجُهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ فَقَالَ فِي الْمُغْنِي: الصَّحِيحُ جَوَازُهُ ; لِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ لَهُمَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَكَذَا لَوْ أَرَادَ إرْسَالَ نَفَقَةٍ إلَى أَهْلِهِ فَأَقْرَضَهَا لِيُوَفِّيَهَا الْمُقْتَرِضُ لَهُمْ جَازَ وَلَا يَفْسُدُ الْقَرْضُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ
(وَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ مَا يَحْرُمُ اشْتِرَاطُهُ بِأَنْ أَسْكَنَهُ دَارِهِ أَوْ قَضَاهُ بِبَلَدِ آخَرَ (بِلَا شَرْطٍ) جَازَ (أَوْ أَهْدَى) مُقْتَرِضٌ (لَهُ) هَدِيَّةً (بَعْدَ الْوَفَاءِ) جَازَ (أَوْ قَضَى مُقْتَرِضٌ خَيْرًا مِنْهُ) أَيْ مِمَّا أَخَذَهُ جَازَ كَصِحَاحٍ عَنْ مُكَسَّرَةٍ أَوْ أَجْوَدَ نَقْدًا أَوْ سِكَّةً مِمَّا اقْتَرَضَ، وَكَذَا رَدُّ نَوْعٍ خَيْرًا مِمَّا أَخَذَهُ أَوْ أَرْجَحَ يَسِيرًا فِي قَضَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ.
وَفِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ لِلْخَبَرِ (بِلَا مُوَاطَأَةٍ) فِي الْجَمِيع نَصًّا (أَوْ عُلِمَتْ زِيَادَتُهُ) أَيْ الْمُقْتَرِضِ عَلَى مِثْلِ الْقَرْضِ أَوْ قِيمَتِهِ (لِشُهْرَةِ سَخَائِهِ جَازَ) ذَلِكَ (لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اسْتَسْلَفَ بَكْرًا فَرَدَّ خَيْرًا مِنْهُ وَقَالَ: خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ، وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمْ تُجْعَلْ عِوَضًا فِي الْقَرْضِ وَلَا وَسِيلَةً إلَيْهِ وَلَا إلَى اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ قَرْضٌ
(وَإِنْ فَعَلَ) مُقْتَرِضٌ ذَلِكَ بِأَنْ أَسْكَنَهُ دَارِهِ أَوْ أَهْدَى لَهُ (قَبْلَ الْوَفَاءِ وَلَمْ يَنْوِ) مُقْتَرِضٌ (احْتِسَابَهُ مِنْ دَيْنِهِ أَوْ) لَمْ يَنْوِ (مُكَافَأَتَهُ) عَلَيْهِ (لَمْ يَجُزْ إلَّا إنَّ جَرَتْ عَادَةٌ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْمُقْرِضِ وَالْمُقْتَرِضِ (بِهِ) أَيْ: بِذَلِكَ الْفِعْلِ (قَبْلَ قَرْضٍ) لِحَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute