وَيَجِبُ عَلَى مُولٍ بَعْدَ التَّرَبُّصِ إنْ أَبَى الْفَيْئَةَ، وَيَأْتِي فَيَنْقَسِمُ الطَّلَاقُ إلَى أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ الْخَمْسَةِ (وَلَا يَجِبُ) عَلَى ابْنٍ (طَاعَةُ أَبَوَيْهِ) وَلَوْ كَانَا (عَدْلَيْنِ فِي طَلَاقِ) زَوْجَتِهِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ (أَوْ) أَيْ: وَلَا يَجِبُ عَلَى وَلَدٍ طَاعَةُ أَبَوَيْهِ فِي (مَنْعٍ مِنْ تَزْوِيجٍ) نَصًّا لِمَا سَبَقَ.
(وَلَا يَصِحُّ) الطَّلَاقُ (إلَّا مِنْ زَوْجٍ) لِحَدِيثِ " «إنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» " (وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ (مُمَيِّزًا يَعْقِلُهُ فَيَصِحُّ) طَلَاقُهُ كَالْبَالِغِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ. وَلِحَدِيثِ " «كُلُّ الطَّلَاقِ جَائِزٌ إلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ، وَالْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ» "، وَعَنْ عَلِيٍّ " اُكْتُمُوا الصِّبْيَانَ النِّكَاحَ " فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ فَائِدَتَهُ أَنْ لَا يُطَلِّقُوا، وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ عَاقِلٍ صَادَفَ مَحَلَّ الطَّلَاقِ أَشْبَهَ طَلَاقَ الْبَالِغِ (وَ) إلَّا مِنْ (حَاكِمٍ عَلَى مُولٍ) بَعْدَ التَّرَبُّصِ إنْ أَبَى الْفَيْئَةَ، وَالطَّلَاقَ،، وَيَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ مُوَضَّحًا.
(، وَيُعْتَبَرُ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (إرَادَةُ لَفْظِهِ لِمَعْنَاهُ) بِأَنْ لَا يُرِيدَ غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ (فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ لِفَقِيهٍ) أَيْ: عَلَيْهِ (يُكَرِّرُهُ) أَيْ: الطَّلَاقَ لِلتَّعْلِيمِ (وَ) لَا طَلَاقَ عَلَى (حَاكٍ) طَلَاقًا (وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا) طَلَاقَ عَلَى (نَائِمٍ وَلَا زَائِلٍ عَقْلُهُ بِجُنُونٍ أَوْ بَرْسَامٍ أَوْ نَشَّافٍ وَلَوْ بِضَرْبِهِ نَفْسَهُ) لِحَدِيثِ " «كُلُّ الطَّلَاقِ جَائِزٌ إلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ، وَالْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ» " وَحَدِيثِ " «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ ; عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ» ; وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ قَوْلٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ فَاعْتُبِرَ لَهُ الْعَقْلُ كَالْبَيْعِ.
(وَكَذَا) لَا يَقَعُ طَلَاقُ (آكِلِ بَنْجٍ وَنَحْوِهِ) لِتَدَاوٍ أَوْ غَيْرِهِ نَصًّا ; لِأَنَّهُ لَا لَذَّةَ فِيهِ، وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ السَّكْرَانِ فَأَلْحَقَهُ بِالْمَجْنُونِ.
(وَ) كَذَا لَا يَقَعُ طَلَاقُ (مَنْ غَضِبَ حَتَّى أُغْمِيَ) عَلَيْهِ (أَوْ) غَضِبَ حَتَّى (أُغْشِيَ عَلَيْهِ) لِزَوَالِ عَقْلِهِ أَشْبَهَ الْمَجْنُونَ.
(وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (مِمَّنْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ) نَصًّا ; لِأَنَّهُ إذَا ذَكَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ لَمْ يَكُنْ زَائِلَ الْعَقْلِ حِينَهُ.
قَالَ الْمُوَفَّقُ: وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِيمَنْ جُنُونُهُ بِذَهَابِ مَعْرِفَتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَبُطْلَانِ حَوَاسِّهِ. فَأَمَّا مَنْ كَانَ جُنُونُهُ النَّشَّافَ أَوْ كَانَ مُبَرْسَمًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ حُكْمَ تَصَرُّفِهِ مَعَ أَنَّ مَعْرِفَتَهُ غَيْرُ ذَاهِبَةٍ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا يَضُرُّ ذِكْرُهُ لِلطَّلَاقِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَ) يَقَعُ الطَّلَاقُ (مِمَّنْ شَرِبَ طَوْعًا مُسْكِرًا أَوْ نَحْوَهُ) أَيْ: الْمُسْكِرِ (مِمَّا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ بِلَا حَاجَةٍ) إلَيْهِ كَالْحَشِيشَةِ الْمُسْكِرَةِ. قَالَهُ فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ حَيْثُ أَلْحَقَهَا بِالشَّرَابِ الْمُسْكِرِ حَتَّى فِي الْحَدِّ، وَفَرَّقَ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ الْبَنْجِ بِأَنَّهَا تُشْتَهَى، وَتُطْلَبُ. وَقَدَّمَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالْبَنْجِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute