لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ لَا عَقْدٌ. نَقَلَهُ بِمَعْنَاهُ فِي الْفُرُوعِ عَنْ التَّرْغِيبِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ.
(وَشُرِطَ) لِصِحَّةِ الْإِعَارَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ. أَحَدُهَا (كَوْنُ عَيْنٍ) مُعَارَةٍ (مُنْتَفَعًا بِهَا مَعَ بَقَائِهَا) كَدَوَابَّ وَرَقِيقٍ وَدُورٍ وَلِبَاسٍ وَأَوَانٍ. بِخِلَافِ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا مَعَ تَلَفِ عَيْنِهِ كَأَطْعِمَةٍ وَأَشْرِبَةٍ. فَإِنْ أَعْطَاهَا بِلَفْظِ إعَارَةٍ فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ عَلَى وَجْهِ الْإِتْلَافِ. نَقَلَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. .
(وَ) الثَّانِي (كَوْنُ مُعِيرٍ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ شَرْعًا) ; لِأَنَّهَا نَوْعُ تَبَرُّعٍ، إذْ هِيَ إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ.
(وَ) الثَّالِثُ: كَوْنُ (مُسْتَعِيرٍ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ لَهُ) بِتِلْكَ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ بِأَنْ يَصِحَّ مِنْهُ قَبُولُهَا مِنْهُ لِشِبْهِ الْإِبَاحَةِ بِالْهِبَةِ. فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ لِخِدْمَتِهِ (وَصَحَّ فِي) إعَارَةٍ (مُؤَقَّتَةٍ شَرْطُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ، وَتَصِيرُ إجَارَةً) كَمَا يَصِحُّ شَرْطُ الْعِوَضِ فِي الْهِبَةِ، وَتَصِيرُ بَيْعًا تَغْلِيبًا لِلْمَعْنَى عَلَى اللَّفْظِ. فَإِنْ أُطْلِقَتْ الْإِعَارَةُ أَوْ جُهِلَ الْعِوَضُ فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ. وَلَوْ أَعَارَهُ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يُعِيرَهُ الْآخَرُ فَرَسَهُ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ. ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَفَسَادُهَا إمَّا لِاشْتِرَاطِ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ آخَرَ أَوْ لِعَدَمِ تَقْدِيرِ الْمَنْفَعَتَيْنِ.
(وَإِعَارَةِ نَقْدٍ وَنَحْوِهِ) كَسَائِرِ الْمَوْزُونَاتِ وَالْمَكِيلَاتِ (لَا لِمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ مَعَ بَقَائِهِ) كَاسْتِعَارَةِ نَقْدٍ لِيُنْفِقَهُ أَوْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ لِيَأْكُلَهُ (قَرْضٌ) ; لِأَنَّ هَذَا مَعْنَى الْقَرْضِ، وَهُوَ مُغَلَّبٌ عَلَى اللَّفْظِ كَمَا تَقَدَّمَ. فَإِنْ اسْتَعَارَهُ لِمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ مَعَ بَقَائِهِ كَوَزْنٍ وَتَحَلٍّ فَلَيْسَ بِقَرْضٍ. .
(وَ) الشَّرْطُ الرَّابِعُ (كَوْنُ نَفْعِ) عَيْنٍ مُعَارَةٍ (مُبَاحًا) لِمُسْتَعِيرٍ ; لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَا تُبِيحُ لَهُ إلَّا مَا أَبَاحَهُ الشَّرْعُ فَلَا تَصِحُّ إعَارَةٌ لِغِنَاءٍ أَوْ زَمْرٍ وَنَحْوِهِ وَلَا إنَاءٍ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَلَا حُلِيٍّ مُحَرَّمٍ، وَلَا أَمَةٍ لِيَطَأَهَا أَوْ يُقَبِّلَهَا وَنَحْوِهِ (وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) أَيْ: النَّفْعِ الْمُبَاحِ (كَ) إعَارَةِ (كَلْبٍ لِصَيْدٍ أَوْ فَحْلٍ لِضِرَابٍ) لِإِبَاحَةِ نَفْعِهِمَا. وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ الْعِوَضُ الْمَأْخُوذُ عَنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ فِي حَقِّ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ إطْرَاقُ فَحْلِهَا.
(وَتَجِبُ إعَارَةُ مُصْحَفٍ لِمُحْتَاجٍ لِقِرَاءَةٍ) إذَا (عَدِمَ) مُصْحَفًا (غَيْرَهُ) وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ وُجُوبَ الْإِعَارَةِ أَيْضًا فِي كُتُبِ عِلْمٍ لِلْمُحْتَاجِ إلَيْهَا مِنْ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ وَأَهْلِ الْفَتَاوَى (وَتُكْرَهُ إعَارَةُ أَمَةٍ جَمِيلَةٍ لِذَكَرٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ) مُطْلَقًا ; لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا. وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهَا وَالنَّظَرُ إلَيْهَا بِشَهْوَةٍ، فَإِنْ وَطِئَهَا فَزَانٍ، وَعَلَيْهِ الْحَدُّ إنْ لَمْ يَجْهَلْ التَّحْرِيمَ.
وَلِسَيِّدِهَا الْمَهْرُ وَإِنْ طَاوَعَتْ، أَيْ: إذَا لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ فِي الْوَطْءِ. فَإِنْ كَانَتْ شَوْهَاءَ أَوْ كَبِيرَةً لَا يُشْتَهَى مِثْلُهَا أُبِيحَتْ إعَارَتُهَا لَهُ، كَإِعَارَةِ الْأَمَةِ لِمَحْرَمِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute