وَكَثِيرِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: ٩٠] وَحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «إنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ الْخَمْرَ فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ وَعِنْدَهُ شَيْءٌ فَلَا يَشْرَبْ وَلَا يَبِعْ فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْهَا طُرُقَ الْمَدِينَةِ فَسَفَكُوهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مُخْتَصَرًا وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ الْخَمْرِ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُهُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْعِنَبِ أَوْ الشَّعِيرِ أَوْ غَيْرِهِمَا لِحَدِيثِ «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ. وَمَا أَسْكَرَ مِنْهُ الْفَرَقُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْفَرَقُ بِالتَّحْرِيكِ مِكْيَالٌ يَسَعُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا، وَتَقَدَّمَ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَهُ. وَعَنْ جَابِرٍ مِثْلُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَعَنْ عُمَرَ " نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ. وَالْخَمْرُ: مَا خَامَرَ الْعَقْلَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(وَلَوْ) شَرِبَ الْمُسْكِرَ (لِعَطَشٍ) لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ رِيٌّ، بَلْ مَا فِيهِ مِنْ الْحَرَارَةِ يُزِيدُ الْعَطَشَ (بِخِلَافِ مَا نَجَسَ) فَيَجُوزُ شُرْبُهُ لِعَطَشٍ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْبَرْدِ وَالرُّطُوبَةِ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لِدَوَاءٍ وَتَقَدَّمَ
(إلَّا لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غَصَّ بِهَا وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) أَيْ الْمُسْكِرِ (وَخَافَ تَلَفًا) فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ (وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْخَمْرِ فِي دَفْعِ لُقْمَةٍ غَصَّ بِهَا (بَوْلٌ) لِوُجُوبِ الْحَدِّ بِاسْتِعْمَالِ الْمُسْكِرِ دُونَ الْبَوْلِ (وَ) يُقَدَّمُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ الْمُسْكِرِ وَالْبَوْلِ فِي ذَلِكَ (مَاءٌ نَجِسٌ) لِأَنَّ أَصْلُهُ مَطْعُومٌ بِخِلَافِ الْبَوْلِ
(فَإِذَا شَرِبَهُ) أَيْ الْمُسْكِرَ (أَوْ) شَرِبَ (مَا خُلِطَ بِهِ) أَيْ الْمُسْكِرِ (وَلَمْ يُسْتَهْلَكْ) الْمُسْكِرُ (فِيهِ) أَيْ: الْمَاءِ حُدَّ، فَإِنْ اُسْتُهْلِكَ فِي الْمَاءِ فَلَا حَدَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلُبْ عَنْ الْمَاءِ اسْمَهُ (أَوْ اسْتَعَطَ) بِمُسْكِرٍ (أَوْ احْتَقَنَ بِهِ أَوْ أَكَلَ عَجِينًا لُتَّ بِهِ) أَيْ الْمُسْكِرِ لَا إنْ خُبِزَ فَأَكَلَهُ (مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ) لَا صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (عَالِمًا أَنَّ كَثِيرَهُ يُسْكِرُ، وَيَصْدُقُ إنْ قَالَ: لَمْ أَعْلَمْ) أَنَّ كَثِيرَهُ يُسْكِرُ (مُخْتَارًا) لِشُرْبِهِ فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ لَمْ يُحَدَّ (لِحِلِّهِ) أَيْ: الْمُسْكِرِ (لِمُكْرَهٍ) عَلَى شُرْبِهِ بِإِلْجَاءٍ أَوْ وَعِيدٍ مِنْ قَادِرٍ لِحَدِيثِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (وَصَبْرُهُ) أَيْ: الْمُكْرَهِ عَلَى شُرْبِ مُسْكِرٍ (عَلَى الْأَذَى أَفْضَلُ) مِنْ شُرْبِهَا مُكْرَهًا نَصًّا، وَكَذَا كُلُّ مَا جَازَ لِمُكْرَهٍ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَإِنْ أُكْرِهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute